كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)

وأخرج نحوه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬1): ثنا هشيم، قال: أنا ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، قال: قال ابن عمر - رضي الله عنهما - في قنوت الصبح: "ما شهدت، وما علمت".
ص: وكان أحد من روي عنه القنوت عن النبي - عليه السلام -: عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما -، فأخبر في حديثه الذي روينا عنه بأن رسول الله - عليه السلام - دعا على من كان يدعو عليه، وأن الله تعالى نسخ ذلك بقوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (¬2) الآية، ففي ذلك أيضًا وجوب ترك القنوت في الفجر.
ش: أي كان أحد من روى القنوت في الصبح عن النبي - عليه السلام -: عبد الرحمن بن أبي بكر؛ فإنه روى "أنه - عليه السلام - كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة قال: اللهم أنج الوليد ... " الحديث، ثم أخبر في آخر حديثه: "فما دعا رسول الله - عليه السلام - بدعاء على أحد بعد ذلك بعد نزول قوله تعالى {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية".
فهذا أيضًا يدل على أن ما كان منه - عليه السلام - قد انتسخ.
فإن قيل: يحتمل أن يكون معنى قوله: "فما دعا رسول الله - عليه السلام - بدعاء على أحد بعد" يعني ترك اللعن على أحد، كما أخرجه البيهقي (¬3): عن عبد الرحمن بن مهدي في قول أنس - رضي الله عنه -: "قنت شهرًا يدعو على أحياء من أحياء العرب ثم تركه" قال: إنما ترك اللعن.
قلت: جاء عن الزهري مصرحًا: أن الراد منه ترك القنوت مطلقًا.
كما روى عبد الرزاق في "مصنفه" (¬4): عن معمر، عن الزهري كان يقول: "من أين أخذ الناس القنوت؟! " وتعجب. ويقول: "إنما قنت رسول الله - عليه السلام - شهرًا ثم ترك ذلك".
¬__________
(¬1) "مصنف ابن أبي شيبة" (2/ 102 رقم 6977).
(¬2) سورة آل عمران، آية: [128].
(¬3) "سنن البيهقي الكبرى" (2/ 201 رقم 2924).
(¬4) "مصنف عبد الرزاق" (3/ 105 رقم 4945).

الصفحة 343