كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)
ص: وكان أحد من روي عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك أيضًا: خفاف بن إيماء، فذكر عن رسول الله - عليه السلام -: "أنه لما رفع رأسه من الركوع قال: أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله ورسوله، اللهم العن بني لحيان ومن ذكر معهم.
ففي هذا الحديث لعن من لعن رسول الله - عليه السلام - في حديثي ابن عمر وعبد الرحمن بن أي بكر - رضي الله عنهم -، وقد أخبرا هما في حديثهما أن رسول الله - عليه السلام - ترك ذلك حين أُنزل عليه الآية التي ذكرنا، ففي حديثيهما النسخ لما في حديث خفاف بن إيماء وفي ذلك وجوب ترك القنوت أيضًا.
ش: أي كان أحد من روى القنوت في الصبح أيضا عن النبي - عليه السلام - خفاف بن إيماء، هذا جواب عن حديثه.
بيان ذلك أن حديثه أيضا منسوخ؛ وذلك لأن الذين لعنهم رسول الله - عليه السلام - في حديثه هم الذين لعنهم في حديثي عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهم -، فالقضية واحدة، وقد أخبر عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر كلاهما في حديثيهما أن رسول الله - عليه السلام - ترك ذلك حين نزلت عليه الآية، وهي قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (¬1) الآية، فيكون هذا الترك أيضًا في حديث خفاف بن إيماء لاتحاد القضية، فيكون حديثه منسوخًا بانتساخ حديثي ابن عمر، وابن أبي بكر - رضي الله عنهم -.
قوله: "وقد أخبرا هما" أي قد أخبر ابن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر.
وقوله: "هما" ضمير مرفوع وقع تأكيدا للضمير المستكن في قوله، "أخبرا". فافهم.
ص: وكان أحد من روى ذلك عنه أيضا البراء بن عازب، فروى عنه: "أن النبي - عليه السلام - كان يقنت في الفجر والمغرب، ولم يخبر بقنوته ذلك ما هو، فقد يجوز أن
¬__________
(¬1) سورة آل عمران، آية: [128].