كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)
يكون ذلك هو القنوت الذي رواه ابن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنه -، ومن روى ذلك معهما، ثم نسخ ذلك بهذه الآية أيضًا، وقد قرن في هذا الحديث بين المغرب والفجر، فذكر أن رسول الله - عليه السلام - كان يقنت فيهما، ففي إجماع مخالفنا لنا على أن ما كان يفعله في المغرب من ذلك منسوخا ليس لأحد بعده أن يفعله دليل على أن ما كان يفعله في الفجر أيضا كذلك.
ش: أي كان أحد من روى القنوت في الصبح أيضا عن النبي - عليه السلام -: البراء بن عازب، هذا جواب عن حديثه.
بيان ذلك أنه منسوخ أيضا؛ لأن البراء أخبر في حديثه أنه - عليه السلام - كان يقنت في صلاة الفجر وصلاة المغرب، ولكن لم يبين ما كان قنوته، ولماذا كان؟ فيحتمل أن يكون ذلك هو القنوت الذي رواه عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهم - ومن روى ذلك معهما -أي مع عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر- مثل أبي هريرة وأنس بن مالك - رضي الله عنهما -؛ فيكون منسوخًا بما نسخ به حديثهما وهو قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (¬1) الآية.
قوله: "وقد قرن في هذا الحديث بين المغرب و [الفجر] (¬2) ... " إلى آخره جواب عن سؤال مقدر، تقريره أن يقال: سلمنا ما ذكرتم من النسخ إذا كان المراد من القنوت في حديث البراء هو القنوت في حديثي عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهم -، وأما إذا كان المراد غير ذلك القنوت، فلا نسلم نسخه في صلاة الصبح.
وتقرير الجواب: أن الخصم أجمع معنا على أن قنوته - عليه السلام - في صلاة المغرب انتسخ، حتى لا يجوز لأحد أن يفعله بعد النبي - عليه السلام -، فهذا دليل على أن قنوته - عليه السلام - في صلاة الصبح أيضا منسوخ، وإلا فيلزم التحكم والترجيح بلا مرجع وهو باطل.
¬__________
(¬1) سورة آل عمران، آية: [128].
(¬2) في "الأصل": "العشاء"، والمثبت من "ك"، وحاشية "الأصل".