كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)

وقد قلنا إنه لم يثبت عن أنس عن النبي - عليه السلام - في القنوت قبل الركوع شيء، وأما القنوت الذي بعد الركوع فقد ثبت عنه النسخ فيه. والله أعلم.
على أنَّا نقول: إن بعضهم قد ضعف هذا الحديث وعلله بأبي جعفر هذا؛ فإن فيه مقالا كما قد ذكرناه فيما مضى عن قريب.
فإن قيل: قال النووي في "الخلاصة": صححه الحاكم في كتابه "المستدرك" وقال حديث صحيح، ورواته كلهم ثقات.
وعن الحاكم أخرجه البيهقي في "المعرفة" بسنده ومتنه وسكت عنه.
قلت: قال صاحب "التنقيح على التحقيق": "هذا الحديث أجود أحاديثهم"، وذكر جماعة وثقوا أبا جعفر الرازي، وله طريق في كتاب "القنوت" لأبي موسى المديني، قال: "وإن صح فهو محمول على أنه ما زال يقنت في النوازل، أو على أنه ما زال يطول في الصلاة، فإن القنوت لفظ مشترك بين الطاعة والقيام والخشوع والسكوت وغير ذلك، قال الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} (¬1) وقال: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَآءَ اللَّيْلِ} (¬2)، قال: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ} (¬3)، وقال: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي} (¬4)، وقال: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬5). وقال: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} (¬6).
وفي الحديث: "أفضل الصلاة طول القنوت".
وضعفه ابن الجوزي في كتاب "التحقيق"، وفي "العلل المتناهية" قال: "هذا حديث لا يصح؛ فإن أبا جعفر الرازي اسمه عيسى بن ماهان، قال ابن المديني: كان يخلط. وقال يحيى: كان يخطئ. وقال أحمد: ليس بالقوي في الحديث". وقال
¬__________
(¬1) سورة النحل، آية: [120].
(¬2) سورة الزمر، آية: [9].
(¬3) سورة الأحزاب، آية: [31].
(¬4) سورة آل عمران، آية: [43].
(¬5) سورة البقرة، آية: [238].
(¬6) سورة البقرة، آية: [116].

الصفحة 350