كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)

ثم إن المستغرب من حديث أنس المتقدم قوله: "ما زال يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا" وليس هذا في حديث خليد بن دعلج، وإنما فيه أنه - عليه السلام - قنت، وذلك معروف، وإنما المستغرب دوامه حتى فارق الدنيا، فعك تقدير صلاحية خليد للاستشهاد به، كيف يشهد حديثه لحديث أنس؟!.
وأما حديث يحيى القطان فإنه قال: إسناده حسن، وكيف يكون إسناده حسنًا، وفيه العوام بن حمزة، وقد قال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال أحمد: له أحاديث مناكير؟!.
فإن قيل: رواية يحيى بن سعيد عنه دلت على ثقته عنده.
قلت: ما ذكرناه يدل على ضعفه، والجرح مقدم على التعديل.
وقد أخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬1): عن حفص بن غياث، عن أبي مالك الأشجعي قال: قلت لأبي: "يا أبت، صليت خلف النبي - عليه السلام - وخلف أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - فما رأيت أحذا منهم يقنت؟ فقال: يا بني هي محدثة".
ورواه أيضًا عن ابن إدريس، عن أبي مالك بمعناه.
والسندان صحيحان، فالأخذ بذلك أولى مما رواه العوام.
وحديث أبي مالك أخرجه البيهقي أيضًا في باب: من لم ير القنوت في الصبح.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (¬2)، ولفظه: "صليت خلف النبي - عليه السلام - فلم يقنت، وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت، وصليت خلف عمر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان فلم يقنت، وصليت خلف عليّ فلم يقنت، ثم قال: يا بني إنها بدعة".
وأما حديث طارق وحديث عبيد بن عمير فإن البيهقي قال: فإنها روايات صحيحة موصولة، وكيف تكون صحيحة؟! فإن في أسانيدها محمَّد بن
¬__________
(¬1) "مصنف ابن أبي شيبة" (2/ 101 رقم 6961).
(¬2) "صحيح ابن حبان" (5/ 328 رقم 1989).

الصفحة 353