كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)

وأما حديث شعبة (¬1)، عن حماد، عن إبراهيم، فقد قال البيهقي: فيه دليل على اختصار وقع في الحديث الذي أتى فساق سنده: عن منصور، عن إبراهيم، أن الأسود وعمرو بن ميمون قالا: "صلينا خلف عمر الفجر فلم يقنت"، ثم قال: منصور وإن كان أوثق وأحفظ من حماد بن أبي سليمان، فرواية حماد في هذا توافق المذهب المشهور عن عمر في القنوت.
قلت: لما انتفع البيهقي برواية حماد ها هنا ذكر ما يدل على حفظه وثقته؛ لأنه إذا كان منصور أحفظ وأوثق منه كان هو في نفسه حافظًا ثقة، وخالف ذلك في باب: الزنا لا يحرم الحلال، وضعفه، وليست رواية منصور مختصرة من رواية حماد، بل معارضة لها، ومع جلالة منصور تابعه على روايته الأعمش.
فرواه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬2): عن الثوري، عن منصور والأعمش ... فذكره كذلك، وتابعه أيضًا الحسن بن عبيد الله كما تقدم عن قريب.
وقد روي عن حماد ما هو موافق لرواية منصور.
فذكر عبد الرزاق (¬3): عن معمر، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود قالا: "صلى عمر زمانا لم يقنت".
وفي "التهذيب" (¬4) لابن جرير الطبري: روى شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود قال: "صليت مع عمر في السفر والحضر ما لا أحصي، فكان لا يقنت".
وروى أبو حنيفة في "مسنده" (¬5): عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة قال: "ما قنت أبو بكر ولا عمر ولا عثمان، ولا قنت علي حتى حارب أهل الشام، فكان يقنت".
¬__________
(¬1) "سنن البيهقي الكبرى" (2/ 350 رقم 3695).
(¬2) "مصنف عبد الرزاق" (3/ 106 رقم 4948).
(¬3) "مصنف عبد الرزاق" (3/ 105 رقم 4947).
(¬4) "تهذيب الآثار" (6/ 177 رقم 2684).
(¬5) "مسند أبي حنيفة" (1/ 83).

الصفحة 355