كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)

وفي "مسنده" (¬1) أيضًا: عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود قال: "صحبت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سنين، فلم أره قانتا في صلاة الفجر".
واعلم أن عندي جوابا آخر عن حديث أبي جعفر الرازي.
وهو أنه معارض بما رواه الطبراني في "معجمه" (¬2): ثنا عبد الله بن محمَّد بن عبد العزيز، ثنا شيبان بن فروخ، نا غالب بن فرقد الطحان قال: "كنت عند أنس بن مالك شهرين، فلم يقنت في صلاة الغداة".
وروى محمَّد بن الحسن في كتابه "الآثار" (¬3): أنا أبو حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي قال: "لم يرالنبي - عليه السلام - قانتا في الفجر حتى فارق الدنيا".
ص: وكان أبوهريرة أحد من روى عن النبي - عليه السلام - أيضًا القنوت في الفجر، فذلك القنوت هو دعاء لقوم ودعاء على آخرين، وفي حديثه أن النبي - عليه السلام - ترك ذلك حين أنزل الله عليه: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (¬4) الآية.
ش: هذا جواب عن حديث أبي هريرة المذكور فيما مضى في معرض استدلال أهل المقالة الأولى، بيانه أن أبا هريرة روى عن النبي - عليه السلام - القنوت في الفجر، وذلك القنوت هو الدعاء لقوم والدعاء على آخرين.
فالأول: هو قوله - عليه السلام -: "اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة".
والثاني: هو قوله: "اللهم العن فلانا وفلانا، أحياء من العرب"، ثم روى أن النبي - عليه السلام - ترك ذلك حيث قال في حديثه: "وأصبح ذات يوم ولم يدع لهم،
¬__________
(¬1) "مسند أبي حنيفة" (1/ 83).
(¬2) "المعجم الكبير" (1/ 245 رقم 693).
(¬3) "الآثار" (1/ 277 رقم 213).
(¬4) سورة آل عمران، الآية: [128].

الصفحة 356