كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)
فذكرت ذلك، فقال: أو ما تراهم قد قدموا؟ " فهذا يدل على أن ما كان منه قد انتسخ حكمه وزال.
ص: فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يكون هذا هكذا وقد كان أبو هريرة بعد النبي - عليه السلام - يقنت في الصبح؟ فذكر ما قد حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف (ح).
وما قد حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قالا: ثنا بكر بن مضر , عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج قال: "كان أبو هريرة يقنت في صلاة الصبح". قال: فدل ذلك على أن المنسوخ عند أبي هريرة إنما هو الدعاء على من دعا عليه النبي - عليه السلام - فأما القنوت الذي كان مع ذلك فلا.
قيل له: إن يونس بن يزيد قد روى عن الزهري في حديث القنوت الذي ذكرناه في أول هذا الباب ما قد حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب ... فذكر ذلك الحديث بطوله، ثم قال فيه: "قال: ثم بلغنا أنه ترك ذلك حين أنزل عليه: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية، فصار ذكر نزول هذه الآية الذي كان به النسخ من كلام الزهري، لا مما رواه عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة، فقد يحتمل أن يكون نزول هذه الآية لم يكن أبو هريرة علمه، فكان يعمل على ما علم من فعل رسول الله - عليه السلام - وقنوته إلى أن مات؛ لأن الحجة لم تثبت عنده بخلاف ذلك، وعلم عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنه - أن نزول هذه الآية كان ناسخا لما كان النبي - عليه السلام - يفعل، فانتهيا إلى ذلك، وتركا به المنسوخ المتقدم".
ش: هذا سؤال من جهة الخصم، تقريره أن يقال: لا نسلم أن المنسوخ على الكيفية التي ذكرتم؛ لأن أبا هريرة قد قنت في صلاة الصبح بعد النبي - عليه السلام -, ولو كان النسخ على نحو ما ذكرتم لما ساغ لأبي هريرة أن يقنت بعده - عليه السلام - مع علمه بالمنسوخ، بل إنما كان المنسوخ عند أبي هريرة هو الدعاء على من كان - عليه السلام - يدعو