كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)
ألا ترى أن عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهم -، لما علما بنزول الآية، وعلما أنه ناسخ للذي كان النبي - عليه السلام - يفعله انتهيا إلى ذلك، وتركا ما قد علماه من فعل النبي - عليه السلام - المتقدم المنسوخ.
واعلم أن الطحاوي أخرج حديث الزهري هذا فيما سبق في موضعين.
الأول: في أواخر باب: الإِمام يقول: سمع الله لمن حمده، فقال: ثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة أنهما سمعاه يقول: "كان رسول الله - عليه السلام - حين يفرغ في صلاة الفجر من القراءة يكبر ويرفع رأسه من الركوع، يقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، اللهم أنج الوليد بن الوليد ... " الحديث.
الثاني: في أول هذا الباب بهذا الإسناد بعينه، وزاد فيه: "وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين ... " الحديث، ولم يذكر في الموضعين قول الزهري: "ثم بلغنا أنه ترك ذلك حين أنزل عليه: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (¬1) الآية".
وإنما ذكره ها هنا ,ولكن الجميع بإسناد واحد، وقطعه للتبويب.
وأخرجه مسلم (¬2) وقال: حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى، قالا: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، أخهما سمعا أبا هريرة يقول: "كان رسول الله - عليه السلام - يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو قائم: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان ورعلًا وذكوان، وعصية عصت الله ورسوله، ثم بلغنا أنه ترك ذلك
¬__________
(¬1) سورة آل عمران، آية: [128].
(¬2) "صحيح مسلم" (1/ 466 رقم 675).