كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن منصور، قال: سمعت إبراهيم، يحدث عن عمرو بن ميمون، نحوه.
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذا خلاف ما روي عنه في الآثار الأول، فاحتمل أن يكون قد كان فعل كل واحد من الأمرين في وقت.
فنظرنا في ذلك، فإذا يزيد بن سنان قد حدثنا، قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: ثنا مسعر بن كدام، قال: حدثني عبد الملك بن ميسرة، عن زيد بن وهب قال: "ربما قنت عمر".
فأخبر زيد بما ذكرنا، أنه كان ربما قنت وربما لم يقنت، فأردنا أن ننظر في المعنى الذي له كان يقنت ما هو؟
فإذا ابن أبي عمران قد حدثنا، قال: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي عن أبي شهاب الحناط، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود قال: "كان عمر - رضي الله عنه - إذا حارب يدعو على أعدائه ويستعين الله عليهم ويستنصره كما كان رسول الله - عليه السلام - فعل لما قتل من قتل من أصحابه، حتى أنزل الله -عز وجل- {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} (¬1)، قال عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما -: فما دعا رسول الله - عليه السلام - على أحد بعد".
فكانت هذه الآية -عند عبد الرحمن وعند عبد الله بن عمر، ومن وافقهما على ما كانا يقولانه في ذلك- نسخ للدعاء بعد ذلك في الصلاة على أحد، ولم تكن عند عمر - رضي الله عنه - بناسخة ما كان قبل القتال، وإنما نسخت عنده الدعاء في حال عدم القتال، إلا أنه قد ثبت بذلك بطلان قول من يرى الدوام على القنوت في صلاة الفجر.
فهذا وجه ما روي عن عمر في هذا الباب.
¬__________
(¬1) سورة آل عمران، آية: [128].