كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)
في الفجر والمغرب. فثبت بما ذكرنا أن مذهب علي - رضي الله عنه - في القنوت هو مذهب عمر - رضي الله عنه - الذي وصفنا، ولم يكن عليٌّ - رضي الله عنه - يقصد بذلك إلى الفجر خاصة؛ لأنه قد كان يفعل ذلك في المغرب، فيما ذكر إبراهيم - رضي الله عنه -.
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، عن شعبة، قال: حدثني حصين بن عبد الرحمن، قال: سمعت عبد الرحمن بن معقل يقول: "صليت خلف علي - رضي الله عنه - المغرب فقنت ودعا".
فكل قد أجمع أن المغرب لا يقنت فيها إذا لم تكن حرب، وأن عليًّا - رضي الله عنه - إنما قنت فيها من أجل الحرب، فقنوته في الفجر أيضًا عندنا كذلك.
ش: لما كان الخصم استدل أيضًا -فيما ذهب إليه من القنوت في الفجر- بما روي عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يقنت في الصبح، ذكره ثم أجاب عنه بما ذكره، وهو ظاهر.
وأخرج ما روي عنه من أربع طرق صحاح:
الأول: عن صالح بن عبد الرحمن، عن سعيد بن منصور، عن هشيم بن بشير، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب بن رُبَيعة -بالتصغير- السلمي الكوفي، ولأبيه صحبة، وأبو عبد الرحمن روى له الجماعة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬1): ثنا هشيم ... إلى آخره.
وفيه حجة لأصحابنا: أن القنوت فيما يقنت قبل الركوع.
فإن قيل: روى البيهقي في "سننه" (¬2): من حديث يزيد بن أبي زياد، سمعت أشياخنا يحدثون: "أن عليا - رضي الله عنه - كان يقنت في صلاة الصبح بعد الركوع".
قلت: يزيد بن أبي زياد ضعيف، وحكى البيهقي نفسه تضعيفه عن ابن معين في باب "رفع اليدين عنوإلافتتاح خاصة"، ثم إنه روى عن الأشياخ وهم مجهولون، والذي رواه الطحاوي وابن أبي شيبة أولى.
¬__________
(¬1) "مصنف ابن أبي شيبة" (2/ 105 رقم 7020).
(¬2) "سنن البيهقي الكبرى" (2/ 108 رقم 2955).