كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 4)
عقيلاً تصرف فيها كما فعل أبو سفيان بدور المهاجرين، ويحتمل غير ذلك.
وقد فسر الداودي المراد بقوله: "وكان عقيلٌ ورثَ أبا طالب" إلى آخره؛ يعني: لاتفاقهما في الكفر حينئذٍ، ولم يرثه عليٌّ ولا جعفر؛ لإسلامهما؛ أي: ولو كانا وارثين، لنزل (¬1) -عليه السلام- في دورهما، وكانت كأنها ملكه؛ إدلالاً عليهما؛ لعلمه بإيثارهما إياه على أنفسهما، فهذا وجهُ إضافةِ الرباع إليه على التقدير (¬2).
وقد اضطرب الناسُ في ملك دور مكة:
قال ابن المنير: وسببه - والله أعلم - اختلافُ الأحكام الدالة، فثبت اختصاصُ قومٍ ببعض المواضع، والتصرفُ بإغلاق الأبواب، ونحو ذلك، وهو دليل الملك، وثبت منعُ إغلاقِ الأبواب في المواسمِ، وإباحتُها حينئذٍ بحيث لا يختص أحدٌ ألا بالسبق، وهذه علامة على (¬3) عدم الملك، فيحتمل أن يقال: هي مملوكة، والتزام فتح الأبواب مواساة في اليوم؛ للضرورة، وهي بمثابة المضطر إلى أكل طعام الغير في المخمصة يلزمه أن يبيحه له، ولا يدل ذلك على عدم ملكه طعامه.
ويحتمل أن يقال: هي مباحة في الأصل (¬4)، والتخصيص إنما هو كما يعرض في المباحات؛ كالسابق إلى بقعة (¬5) في المسجد تقدَّم فيها، ومعتادُ الجلوسِ بمكان منه كذلك، على خلاف فيه.
¬__________
(¬1) في "ج": "لقول".
(¬2) انظر: "المفهم" للقرطبي (3/ 465).
(¬3) في "ج": "في".
(¬4) في "ج": "في الأرض".
(¬5) في "ع": "إلى نفعه".
الصفحة 117
490