كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 4)

(فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاةَ الفطر): هذا دليل للمشهور من مذاهب الفقهاء على وجوب زكاة الفطر، وذهب بعضهم إلى عدم الوجوب، وتأول (¬1) قولَه: فرضَ بمعنى: قَدَّر، ولا شك أن هذا أصله (¬2) في اللغة، لكنه نقل في عرف الاستعمال إلى الوجوب، فالحملُ عليه أولى؛ لأن ما اشتهر في الاستعمال، فالقصد إليه هو الغالب.
وسأل ابن المنير: كيف اتفقوا على وجوب زكاة المال، مع أنها طهرة للمال (¬3)، واختلفوا في إيجاب زكاة الفطر، مع أنها طهرة للنفس؟
وأجاب: بأن (¬4) إضافة زكاة المال إلى تطهير المال مجاز، وإنما هي بالحقيقة طهرة للنفس، والمالُ ليس مكلفًا حتى يطهر حقيقةً، ولهذا ورد في الصدقات: أنها أوساخُ الناس (¬5)، وقال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] الآية.
قلت: فتحصَّل (¬6) أن الزكاة وصدقة الفطر كلتاهما طُهرةٌ للنفس، ولم يخرج من ذلك جواب عن (¬7) وجه الاتفاق على وجوب الأولى دون الثانية.
¬__________
(¬1) في"ن" و"ج": "وتأولوا".
(¬2) في جميع النسخ عدا "ن": "أصلي".
(¬3) "للمال" ليست في "ج".
(¬4) في "ن": "أن".
(¬5) رواه مسلم (1072).
(¬6) في "ج": "فيحتمل".
(¬7) في "ج": "على".

الصفحة 21