كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 4)

بعضِ من الناس، وحُذف الرابطُ لفهمه؛ أي: من استطاع منهم، ويلزم عليه (¬1) الفصلُ بين البدل والمبدَل منه بالمبتدأ، وفيه نظر.
{وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]: قال الزمخشري: جعل {وَمَنْ كَفَرَ} [آل عمران: 97] عوضًا عن ومن لم يحج؛ تغليظًا؛ كما قال -عليه السلام-: "مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ، فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًا، أَوْ نصرَانِيًا (¬2) " (¬3) (¬4).
واستشكله ابنُ المنير في "الانتصاف": بأن تاركه لا يكفر بمجرد تركِه، فتعين (¬5) حملُه على تاركِه جاحدًا لوجوبه، فالكفر (¬6) يرجع إلى الاعتقاد.
قال: والزمخشري (¬7) يسهل (¬8) عليه ذلك؛ لأنه يعتقد أن تارك الحج يخرج عن الإيمان، ويخلد في النار، ويحتمل أن يكون قوله: {وَمَنْ كَفَرَ} [آل عمران: 97] استئناف وعيد للكافرين.
وقال في "شرحه للبخاري": مذهبُ مالكٍ في الصلاة والصيام والزكاة: أنه يُقاتَل من تركَها، ويُقتل إن أصرَّ، وأما الحجُّ: فإذا ظهر منه التركُ، قيل له: أبعدَكَ الله، وما ذاك - والله أعلم - إلا أن ظرفَه العمرُ، ولو قلنا: إنه
¬__________
(¬1) في "ج": "على".
(¬2) في "ن" و"ج": "وإن شاء نصرانيًا".
(¬3) رواه الترمذي (812)، عن علي رضي الله عنه، وإسناده ضعيف كما ذكر الترمذي.
(¬4) انظر: "الكشاف" (1/ 418).
(¬5) في "ن" و "ج": "فيتعين".
(¬6) في "ن": "والكفر".
(¬7) في "م" و"ع"، "وقال الزمخشري".
(¬8) في جميع النسخ عدا "ج": "ما يسهل".

الصفحة 32