كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 4)

يحمل الزبل، ذكره ابن دريد (¬1).
(قال: أطعِمْه أهلَكَ): قال ابن المنير: من لطيف فقه البخاري: أنه ترجم على هذا الحديث بترجمتين يكاد ظاهرُهما يتناقض؛ لأنه ترجم عليه: باب: من تُصُدِّقَ عليه، فليكفِّرْ.
وظاهر هذا: أنه يقدم (¬2) الكفارة على إطعام أهله.
وترجم عليه - أيضًا -: باب: المجامع في رمضان، هل يطعم أهله من الكفارة؟
وظاهر هذا: أنه يطعمهم. ولا تناقض (¬3) في ذلك، وإنما أراد أن ينبه على أنه إنما أطعمه أهله على أنه كفارة، وقدَّرَهم كالأجانب المحاويج، وكأنه -عليه السلام- جمع له بين المصلحتين: أَدَّى عنه الكفارة، وسَدَّ خَلَّةَ أهلِه.
فإن قلت: فتقوم الحجة إذن على مذهب مالك -رحمه الله -؛ فإنه منع أن يعطي الرجل زكاته مَنْ تلزمه النفقةُ، ولو فعل، لم تجزه.
قلت: هذا في حق الزكاة؛ لأنه يؤديها، ويوفِّر بها عن نفسه النفقةَ الواجبةَ عليه لغناه، والفرض هنا: أن المكفِّر فقير لا تجبُ عليه نفقة، فما وفَّر بها (¬4) عن نفسه واجبًا، نعم، لو فرضنا أنه عزل زكاته، فعدم المال، وافتقر، والزكاةُ باقية عنده، جاز حينئذ أن (¬5) يعطيها زوجتَه الفقيرة ونحوَها؛ لأنها من
¬__________
(¬1) انظر: "المفهم" للقرطبي (3/ 171). وانظر: "التنتقيح" (2/ 449).
(¬2) في "ع": "أنه لم يقدم".
(¬3) في "ع": "يتناقض".
(¬4) في "ع": "فما وفرتها".
(¬5) "أن" ليست في "ج".

الصفحة 364