كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 4)

قلت: يُحمل على الحذف؛ أي (¬1): إلا رمضان وشعبان؛ بدليل قولها في الطريق الأخرى: "فإنه كان يصوم شعبانَ كلَّه"، وحذفُ المعطوفِ والعاطفِ جميعًا ليس بعزيز (¬2) في كلامهم.
ففي التنزيل: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [الحديد: 10]؛ أي: ومَنْ أنفقَ من بعدِه، وفيه (¬3): {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81]؛ أي: والبرد، وفيه: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]؛ أي: فإن أحصرتم فحللتم، وفيه: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196]؛أي: فحلقَ.
ويمكن الجمع بطريق أخرى (¬4)، وهي أن يكون قولها: "وكان يصوم شعبان كله" محمولًا على حذف أداة الاستثناء والمستثنى؛ أي (¬5): إلا قليلًا منه.
ويدل عليه ما حكاه ابن بطال عن عبد الرزاق: أنه روى من طريق أبي سلمة، قال: "سألتُ عائشةَ عن صيامِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، [فذكرتِ الحديثَ، وقالت: ما رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬6) أكثرَ صيامًا منه في شعبان؛ فإنه كان يصومه كله إلا قليلًا" (¬7).
¬__________
(¬1) "أي" ليست في "ج".
(¬2) في "ع": "تعزيز"، وفي "ج": "تقدير".
(¬3) في "ج": "ففيه".
(¬4) في "ع" و "ج": "الأخري".
(¬5)) "أي" ليست في "ع".
(¬6) ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(¬7) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (7861)، وانظر: "شرح ابن بطال" (4/ 116).

الصفحة 386