أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجدِ، فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فتحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجدِ عِنْدَ باب أُمِّ سَلَمَةَ، مَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ". فَقَالاَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا".
(حتى إذا بلغتْ بابَ المسجد عندَ باب أُم سلمة، مرَّ رجلان من الأنصار): قيل: إنهما (¬1) أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، وعَبَّادُ بنُ بشرٍ، حكاه ابن العطار في "شرح العمدة" (¬2).
(على رِسْلِكما): - بكسر الراء -: الهِينَةُ، والتَّأَنِّى.
(إنما هي صفيةُ بنتُ حُيي): قال ابن دقيق العيد: فيه دليل على التحرز مما (¬3) يقع في الوهم نسبةُ الإنسان إليه مما لا ينبغي، وقد قال بعضُ العلماء: إنهما لو وقع ببالهما شيء، لكفرا، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد تعليمَ (¬4) أمته، وهذا متأكد في حق العلماء، ومَنْ يُقتدى به، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلًا يوجب سوءَ الظن بهم، وإن كان لهم فيه مخلص؛ لأن ذلك تَسَبُّبٌ (¬5) إلى
¬__________
(¬1) "إنهما" ليست في "ع".
(¬2) انظر: "العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 931).
(¬3) في "ج": "على أن التحرز إنما".
(¬4) في "ع" و"ج": "تعلم".
(¬5) في "ع": "نسب".