كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 4)
قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُصْعِدٌ مِنْ مَكَّةَ، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهَا، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهْوَ مُنْهَبِطٌ مِنْهَا.
(ولا نُرى إلا أنه الحج): - بضم النون -؛ أي: نظن.
قال الزركشي: فيحتمل أن ذلك كان اعتقادها من قبل أن تُهِلَّ (¬1)، ثم أهلَّت بعمرة، ويحتمل أن يريد فعلَ غيرها من الصحابة؛ كأنهم كانوا لا يعرفون إلا الحج، ولم يكونوا يعرفون (¬2) العمرة في أشهر الحج، فخرجوا محرمين بالذي لا يعرفون غيره (¬3).
قلت: الظاهرُ غيرُ الاحتمالين المذكورين، وهو أن مرادها: لا أظنُّ أنا ولا غيري من الصحابة إلا أنه الحجُّ، فأحرمنا به، هذا (¬4) ظاهر اللفظ.
(فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن ساق الهدي أن (¬5) يحل): وذلك هو فسخُ الحج إلى العمرة، وقد كان جائزًا بهذا الحديث، وقيل: إن عِلَّته حَسْمُ مادة الجاهلية في اعتقادها أن العمرة في أشهر الحج من أَفْجَر الفجور كما تقدم (¬6)، واختلف الناس فيما بعد هذه الواقعة: هل يجوز فسخُ الحج إلى العمرة؛ كما في هذه الواقعة؟
فذهبت الظاهرية إلى جوازه، وأكثرُ الفقهاء المشهورين على المنع من ذلك.
¬__________
(¬1) في "ع": "أن المحل".
(¬2) في "ع": "يعرفوا".
(¬3) انظر: "التنقيح" (1/ 386).
(¬4) في "ع": "هنا".
(¬5) "أن" ليست في "ع".
(¬6) "كما تقدم" ليست في "ج".
الصفحة 87
490