[14] ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحبة أبي بكر إياه، ومضيهما إلى غار ثور
3704 - (خ) - حدثنا محمد بن أحمد بن علي، قال: ثنا أحمد بن موسى، قال: قرئ على أحمد بن محمد بن زياد، قال: ثنا عبيد بن شريك، قال: ثنا يحيى بن بكير، قال: ثنا الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، قال:
قالت عائشة: بينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مقبل متقنع في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداه أبي وأمي! والله إن جاء به في هذه الساعة إلا أمر، قالت: فجاء رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فاستأذن، فأذن له، فدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل: ((أخرج من عندك))، قال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله، قال رسول الله: ((فإنه قد أذن لي في الخروج))، قال أبو بكر: الصحابة بأبي أنت يا رسول الله، قال رسول الله: ((نعم))، فقال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين، فقال رسول الله: ((بالثمن))، قالت عائشة: فجهزناهما أحث الجهاز، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر نطاقها قطعتين، فربطت به على فم الجراب؛ فبذلك سميت: ذات النطاق، واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الديل، وهو من بني عبد بن عدي هاديا خريتا -والخريت: الماهر بالهداية-، قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي، وهو على دين كفار قريش، #447# فأمناه ودفعا إليه راحلتيهما، ووعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، ثم لحق رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبو بكر بغار في جبل ثور، فمكثا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الرحمن بن أبي بكر، وهو غلام شاب لقن ثقف، فيدلج من عندهما بسحر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرا يكادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم، فيريحها عليهم حين يذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل -وهو لبن منحتهما ورضيفهما- حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس، يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي الثلاث، فأتاهما الديلي براحلتيهما صبح ثلاث ليال، فارتحلا، وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل الديلي، فأخذ بهم طريق الساحل.