كتاب جامع الصحيحين لابن الحداد (اسم الجزء: 4)

[15] ذكر ارتحالهم من غار ثور إلى الصخرة مسيرة يوم وليلة إلى ظهيرة الغد، وطلب المشركين لهم، وصفة أبي بكر لقصة سراقة بن جعشم إذ بعث إليه المشركون ليطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلامة النبوة في ذلك
3705 - (خ، م) - حدثنا عبد الجبار بن سعيد، قال: ثنا منصور بن الحسين بن محمد، قال: ثنا محمد بن جعفر بن مطر، قال: أنا أبو خليفة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق:
عن البراء بن عازب قال: اشترى أبو بكر من عازب رحلا بثلاثة #448# عشر درهما، فقال أبو بكر لعازب: مر البراء فليحمله إلى أهلي، فقال له عازب: لا، حتى تحدثني كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من مكة، والمشركون يطلبونكما، فقال: ارتحلنا من مكة، فأحيينا يومنا وليلتنا حتى أظهرنا، وقام قائم الظهيرة، فرميت ببصري هل أرى من ظل نأوي إليه، فإذا أنا بصخرة، فانتهيت إليها، فإذا بقية ظلها، فسويته، ثم فرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قلت: اضطجع يا نبي الله، فاضطجع، ثم ذهبت أنظر هل أرى من الطلب أحدا، فإذا أنا براع يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أريد، فسألته، قلت: لمن أنت يا غلام؟ فقال الغلام: لرجل من قريش، فسماه، فعرفته، فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، قلت: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم، فاعتقل شاة من غنمه، فأمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال هكذا -فضرب إحدى يديه على الأخرى-، فحلب لي كثبة من لبن، وقد رويت لرسول الله صلى الله عليه وسلم معي إداوة على فمها خرقة، فصببت على اللبن حتى برد أسفله، فانتهيت إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فوافقته قد استيقظ، فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت، فقلت: قد آن الرحيل يا رسول الله، فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، وبكيت، فقال: (({لا تحزن إن الله معنا}))، فلما دنا وكان بيننا وبينه قيد رمحين أو ثلاثة، قلت: هذا الطلب يا رسول الله قد لحقنا، وبكيت، فقال: ((ما يبكيك؟)) فقلت: أما والله #449# ما على نفسي أبكي؛ ولكن أبكي عليك، فدعا عليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فقال: ((اللهم اكفناه بما شئت))، قال: فساخت به فرسه بالأرض إلى بطنها، فوثب عنها، ثم قال: يا محمد! قد علمت أن هذا عملك؛ فادع الله تعالى أن ينجيني مما أنا فيه، فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب، وهذه كنانتي، فخذ سهما منها؛ فإنك ستمر على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا، فخذ منها حاجتك، فقال رسول الله: ((لا حاجة لنا في إبلك وغنمك))، ودعا له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فانطلق راجعا إلى أصحابه، ومضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأنا معه حتى أتينا المدينة ليلا.
إلى قوله: ((إن الله معنا)) وجدته في كتاب البخاري في فضل أبي بكر، فلا أدري هل ذكر البقية في موضع آخر أم لا.

الصفحة 447