كتاب جامع الصحيحين لابن الحداد (اسم الجزء: 4)

[28] ذكر مضيه صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة عائدا له، وما لقي في طريقه من شر ابن أبي وجماعة اليهود والمشركين، ودعوته إياهم
3745 - (خ، م) - حدثنا عبد الملك بن يحيى وغيره، قالوا: أنا أحمد بن الحسن الحيري، قال: أنا محمد بن أحمد بن معقل، قال: ثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن الزهري، عن عروة:
أن أسامة بن زيد أخبره: أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارا عليه إكاف تحته قطيفة، فركبه وأردف وراءه أسامة بن زيد، وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج، وذلك قبل وقعة بدر، فسار حتى مر بمجلس #479# فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبد الله ابن أبي، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم عليهم النبي [صلى الله عليه وسلم]، ثم وقف، فنزل، فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي: أيها المرء! لا أحسن من هذا إن كان ما تقول حقا؛ فلا تؤذنا في مجالسنا، وارجع إلى رحلك؛ فمن جاءك منا فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: اغشنا في مجالسنا؛ فإنا نحب ذلك، فاستب المسلمون والمشركون حتى هموا أن يتواثبوا، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم، ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال: ((أي سعد! ألم تسمع ما قال أبو حباب -يريد عبد الله بن أبي-؟! قال: كذا وكذا))، قال: اعف عنه يا رسول الله واصفح، فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك، ولقد أصبح أهل هذه البحيرة أن يتوجوه، فيعصبوه بالعصابة، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاكه شرق لذلك؛ فذاك الذي فعل به ما رأيت، فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم.

الصفحة 478