كتاب جامع الصحيحين لابن الحداد (اسم الجزء: 4)

[14] ذكر مخالفة الرماة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أشار به عليهم، فظهر الكفار، ثم أظفر الله عز وجل المسلمين
3801 - (خ) - حدثنا محمد بن أحمد بن علي، قال: ثنا أحمد بن موسى، قال: ثنا عبد الله بن جعفر، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، قال:
سمعت البراء بن عازب يحدث قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد -وكانوا خمسين رجلا- عبد الله بن جبير، قال: ووضعهم مكانا، وقال: ((مكانكم، وإن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا، ولا تعينونا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم، وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم))، فساروا، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن معه، فهزمهم الله -قال: فأنا والله رأيت النساء يسندن على الجبل قد بدت خلاخيلهن وسوقهن رافعات ثيابهن-، فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة، أي قوم! الغنيمة، ظهر أصحابكم، فما تنتظرون؟! فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟! فقالوا: إنا والله لنأتين الناس، فلنصيبن من الغنيمة، فلما أتوهم صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين؛ فذلك قوله تعالى: {والرسول يدعوكم في أخراكم}، فلم يبق مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] غير اثني عشر رجلا، فأصابوا منا سبعين.
قال: وكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه أصابوا من المشركين يوم #513# بدر أربعين ومئة؛ سبعين أسيرا، وسبعين قتيلا، ثم إن أبا سفيان أشرف علينا وهم على نشز، فقال: أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ فنهاهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يجيبوه، ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ ثلاث مرات، ثم قال: أفي القوم ابن الخطاب؟ ثلاث مرات، ثم رجع إلى أصحابه، فقال: أما هؤلاء فقد قتلوا، وقد كفيتموهم، ولو كانوا أحياء لأجابوا، فلم يملك عمر نفسه أن قال: كذبت يا عدو الله! إن الذين عددت لأحياء كلهم، وقد بقي لك ما يسوؤك، فقال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، إنكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها؛ ولم يسؤني، ثم أخذ يرتجز: اعل هبل، اعل هبل، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ((ألا تجيبونه؟!)) فقالوا: يا رسول الله! ما نقول؟ قال: ((قولوا: الله أعلا وأجل))، فقالوا: إن لنا عزى، ولا عزى لكم، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ((ألا تجيبونه؟!)) قالوا: يا رسول الله! ما نقول؟ قال: ((قولوا: الله مولانا، والكافرون لا مولى لهم)).

الصفحة 512