كتاب جامع الصحيحين لابن الحداد (اسم الجزء: 4)

[30] ذكر قتل أبي رافع اليهودي
3845 - (خ) - حدثنا محمد بن أحمد بن علي، قال: ثنا أحمد بن موسى، قال: ثنا ابن دحيم، قال: ثنا أحمد بن حازم، قال: أنا عبيد الله بن موسى، قال: أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق:
عن البراء قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي رافع اليهودي رجالا من الأنصار، وأمر عليهم عبد الله بن فلان، وكان أبو رافع يؤذي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ويعين عليه، وكان في حصن له بأرض الحجاز، فلما دنونا منه وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم، قال عبد الله لأصحابه: اجلسوا مكانكم، فإني منطلق، فمتلطف للبواب؛ لعلي أدخل، فأقبل حتى دنا من الباب، ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجة، فهتف به البواب: أن يا عبد الله! إن كنت تريد أن تدخل فادخل، فإني أريد أن أغلق الباب، فدخلت، فكمنت، فلما دخل الناس أغلق الأبواب، ثم علق الأقاليد على وتد، قال: فقمت إلى الأقاليد، فأخذتها، #547# ففتحت الباب، وكان أبو رافع يسمر عنده، وكان في علالي له، فلما أن ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه، فجعلت كلما فتحت بابا أغلقته علي من داخل، قلت: إن القوم نذروا بي لم يخلصوا إلي حتى أقتله، فانتهيت إليه، فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله، لا أدري أين هو من البيت، قلت: أبا رافع! قال: من هذا؟ فأهويت نحو الصوت، فأضربه ضربة بالسيف، وأنا دهش، فما أغنت شيئا، وصاح، وخرجت من البيت، فأمكث غير بعيد، ثم دخلت إليه، فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ قال: لأمك الويل! إن رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف، قال: فأضربه ضربة أثخنته، ولم أقتله، ثم وضعت ظبة السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره، فعرفت أني قد قتلته، فجعلت أفتح الأبواب بابا فبابا، حتى انتهيت إلى درجة، فوضعت وأنا أرى أني قد انتهيت إلى الأرض، فوقعت في ليلة مقمرة، فانكسرت ساقي، فعصبتها بعمامة، ثم انطلقت حتى جلست عند الباب، فقلت: لا أبرح الليلة حتى أعلم أقتلته؟ فلما صاح الديك قام الناعي على السور، فقال: أنعى أبا رافع، قال: فانطلقت إلى أصحابي، فقلت: النجاء النجاء، قد قتل الله أبا رافع، فانتهينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثته، فقال: ((ابسط رجلك))، فبسطت رجلي، فمسحها، فكأنها لم أشتكها قط.

الصفحة 546