كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 4)

ومجانبتهم، بلغه عنك الشك في القرآن، وأنك لا تقول: القرآن غير مخلوق، وأبو عبد اللَّه يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، وإنه من علم اللَّه، ويحتج لذاك بغير شيء، قال اللَّه: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)} [البقرة: 120]، وقال: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)} [الرعد: 37]، وقال: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60)} [آل عمران: 59، 60]، وقال: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة: 145]، الآية، فالقرآن من العلم الذى جاء، وقال: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فأخبر أن الخلق غير الأمر، وقال تبارك وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} [الروم: 25]، وقال في موضع آخر: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} [الأعراف: 54]، وقال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس: 82]، وقال: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)} [النحل: 40]، فأخبر أن أمره هو القول، وفرق بين خلقه وأمره، فقال: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)} [الرحمن: 1 - 3].
وقال أبو ذر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1): "عطائي كلام وعذابي كلام" (¬2)، فأخبر تبارك وتعالى أن الخلق يكون بكلامه، وفرق بين الخلق والأمر.
¬__________
(¬1) يعني عن رب العزة تبارك وتعالى.
(¬2) بهذا اللفظ رواه الإمام أحمد 5/ 154، والترمذي (2495)، وابن ماجه (4257) قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الألباني في "الضعيفة" (5375): وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ شهر بن حوشب. اهـ. قلت: وقد جاء عند الإمام أحمد 5/ 160، ومسلم (2577) من طريق أخرى بأطول منه.

الصفحة 40