كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 4)

فقلت ليعقوب: أي شيء تقول أنت؟
قال: القرآن كلام اللَّه، وليس بمخلوق. وأخبرني فطر بن حماد قال: سألت المعتمر، وحماد بن زيد عمن قال: القرآن مخلوق؛ فقالا: كافر.
قال: وسألت يزيد بن زريع، صليت خلف من يقول: القرآن مخلوق؟ فقال: خلف رجل مسلم أحب إلي.
وسمعتُ حسينا يقول: سمعت قبيصة يقول: من قال: محدث؛ فهو يقول: إنه مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق؛ فهو كافر باللَّه، سمعته من وكيع، وقد أخبرتك من ينصب في هذا الأمر ويقوم به في تكفير من مضى لهم بيان ذلك، حتى تكلموا في استتابتهم وموارثتهم، ولو كان هذا الأمر الذي جاءت به الجهمية أمرا يرتاب فيه أو يشك فيه، لما وسع أهل العلم التكذيب به، ولا إخراج أهله من الحق، ولا إثبات ما جحدوه من صفات اللَّه وأسمائه، وانتحالهم خلق القرآن، ولا جاز لهم مباينتهم إذا استتابوا بشرا وأصحابه، ولوجب عليهم الإمساك عنهم وترك الرد عليهم والخلاف لهم، ولكنهم كانوا -واللَّه- أعلم باللَّه، وأشد في أمره في أن يشكوا فيما قد وضع لهم من الحق، وبان لهم من الباطل، فاتق اللَّه، وانظر لنفسك، فإني قد نصحتك، وأحببت لك ما أحببت لنفسي، ودعوتك إلى ما عليه شيخ الإسلام أبو عبد اللَّه، وأهل العلم قبلنا، وأهل الشورى، انْقَدْ للحق وتواضع عليه، وعظم أمره، وبين ذلك واكشفه، فإني أرجو أن يقبل اللَّه إليك بقلوب المؤمنين، ويشرح صدرك بالذي شرح به صدورهم إذا علم منك الصدق والتواضع والاستكانة له والتضرع إليه، فإن كان قوم قد نازعوك هذا وأنكروه عليك فأَلِنْ لهم جانبك، وتواضع للحق والفهم، وبين ذلك،

الصفحة 51