كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 4)

قال ابن بطة: وأخبرني أبو صالح وحدثنا أبو حفص قالا: حدثنا محمد بن داود بن جعفر البصروي قال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: مخلوق؛ فهو كافر باللَّه واليوم الآخر، والحجة فيه: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61].
وقال: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)} [البقرة: 120].
وقال: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)} [الرعد: 37].
فالذي جاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به من العلم هو القرآن، وهو العلم الذي جاءه، والعلم غير مخلوق، والقرآن من العلم وهو كلام اللَّه.
وقال: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)} [الرحمن: 1 - 3].
وقال: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]. فأخبر أن الخلق خلق، والأمر غير الخلق، وهو كلام، فإن اللَّه لم يخل من العلم.
وقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (23)} [الإنسان: 23].
والذكر هو القرآن، وأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لم يخل منهما، ولم يزل اللَّه متكلمًا عالمًا.
وقال في موضع آخر: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لم يخل من العلم والكلام وليسا من الخلق؛ لأنه لم يخل منهما، فالقرآن من علم اللَّه.
وقال ابن عباس: أول ما خلق اللَّه القلم، فقال له: اكتب. فقال: يا رب! وما أكتب؟ قال: اكتب القدر. فجرى بما هو كائن من ذلك اليوم إلى قيام الساعة.

الصفحة 54