كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 4)

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينبأ بذلك، فالاقتداء برسول اللَّه، والكف عن ذكر أصحابه فيما شجر بينهم، والترحم عليهم، ونقدم من قدَّمه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، نرضى بمن رضي به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حياته وبعد موته.
قال اللَّه -تبارك وتعالى-: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)} [البقرة: 134].
وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي الذِينَ بعثت فيهم، ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ، ثُمَّ" (¬1).
وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ أَنْفَقَ أَحَدَكُمْ ملء الأرض ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ" (¬2) فالفضل لهم ودع عنك ذكر ما كانوا فيه.
قال علي رحمه اللَّه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِخوَانًا عَلَى سُرُرٍ متَقَابِلِينَ} [الحجر: 47] (¬3)، فعلي يقول هذا لنفسه ولطلحة والزبير، ويترحم عليهم أجمعين، ونحن فلا نذكرهم إلا بما أمرنا اللَّه به {اغفِرْ لَنَا وَلِإِخوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ} [الحشر: 10]. وقال عَزَّ وَجَلَّ: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)} [البقرة: 134]. ثم قال أبو عبد اللَّه: هذا الطريق الواضح والمنهاج المستوي لمن أراد اللَّه به خيرًا ووفقه، وعصمنا اللَّه وإياكم من كل هلكة برحمته.
¬__________
(¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 426، والبخاري (2651)، ومسلم (2533) من حديث عمران بن الحصين.
(¬2) رواه أحمد 3/ 11، والبخاري (3673)، ومسلم (2541)، من حديث أبي سعيد.
(¬3) رواه ابن أبي شيبة 7/ 539 (37784)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1215)، والطبري في "تفسيره" 7/ 520 (21207)، والطبراني 1/ 79 - 80 (111).
قال الهيثمي 9/ 97: رواه الطبراني وفيه عبد المنعم بن بشير ولا يحل الاحتجاج به.

الصفحة 541