كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 4)

وفي هاتين الآيتين الرد على الجهمية: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210]، {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر: 22]، وقال: {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [الأنعام: 34]، وهؤلاء يقولون: إنه مخلوق، وفي هذه الآيات أيضًا دليل على أن الذي جاءه هو القرآن؛ لقوله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة: 120] (¬1).
قال الخلال: وأخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر؛ أن أبا الحارث حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قول ابن عباس حجة عليهم، أول ما خلق اللَّه القلم، وكلام اللَّه قبل أن يخلق القلم (¬2).
قال الخلال: وأخبرني أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن صدقة، قال: سمعتُ لوينا يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ما أنا قلته، ولن ابن عباس قاله: حدثنا هشيم، قال: ثنا منصور بن زاذان، عن الحكم، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: أول ما خلق اللَّه القلم.
قال لوين: فأخبر ابن عباس أن أول ما خلق اللَّه القلم، وقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)} [النحل: 40]. فإنما خلق الخلق بكن، وكلامه قبل الخلق.
قال الخلال: قال أبو بكر بن صدقة: قال الفضل بن زياد: فدخلت على أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل، وقد كنت حضرت مجلس لوين، فقال لي: يا أبا العباس، حضرت مجلس هذا الشيخ؟ . قلت: نعم.
¬__________
(¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 26 - 29 (218).
(¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" -الكتاب الثالث- 2/ 22 (215).

الصفحة 70