كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 4)

فَتَلَقَّاهُ آخَرُ فَقَدَّهُ. . فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْمُرْدِي وَالْقَادِّ فَقَطْ. وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ. . وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الأَظْهَرِ،
===

مكان عال (فتلقاه آخر فقدّه) أي: قطعه نصفين مثلًا (. . فالقصاص على القاتل والمردي والقاد فقط) أي: دون الممسك والحافر والملقي؛ أما الأولى: فلحديث: "إِذَا أَمْسَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ حَتى جَاءَ آخَرُ فَقَتَلَهُ. . قُتِلَ القَاتِلُ، وَحُبِسَ المُمْسِكُ" أخرجه الدارقطني، وصحح ابن القطان إسناده (١)، وكما لا قصاص لا دية، بل يعزر؛ لأنه آثم، ولهذا قال في الحديث: "يحبس".
نعم؛ لو كان المقتول عبدًا. . طولب الممسك بالضمان باليد، والقرار على القاتل، هذا كله إذا كان القاتل مكلفًا، فلو أمسكه وعرضه لمجنون ضارٍ أو سبع فقتله. . فالقصاص على الممسك؛ لأنه يعد قاتله عرفًا، حكاه ابن كج عن النص، وقال في "المطلب": لا خلاف فيه.
وأما الثانية: فتقديمًا للمباشرة؛ لأن الحفر شرط ولا أثر له مع المباشرة، ولا يخفى أن وجوب القصاص على المردي إذا كانت التردية يحصل منها القتل غالبًا.
وأما الثالثة: فلأن فعله قطع أثر السبب، هذا إذا كان القادّ له اختيار؛ فالمجنون الضاري يُلغى فعله، وكذا لو كان في أسفل البئر حية عادية بطبعها أو نمر ضار، فأهلكه. . يجب الضمان على المردي، كذا نقله الرافعي عن الإمام، ثم قال: وأطلق البغوي نفي الضمان إذا افترسه سبع قبل وصوله إلى الأرض (٢).
قال الزركشي: وكأنه رام إثبات خلاف، والظاهر: ما قاله الإمام؛ فقد حكاه ابن كج عن النص.
(ولو ألقاه في ماء مُغرق) كلجة بحر ولا يقدر على الخلاص منه؛ كما قيده ابن الرفعة (٣)، وهي عبارة الشافعي رضي الله عنه؛ كما أفاده البُلْقيني (فالتقمه حوت. . وجب القصاص في الأظهر) لأنه رماه في مهلك، وقد هلك به بسبب إلقائه، ولا نظر
---------------
(١) سنن الدارقطني (٣/ ١٤٠) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) الشرح الكبير (١٠/ ١٣٨).
(٣) كفاية النبيه (١٥/ ٣٣٩).

الصفحة 15