كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 4)

فَإِنْ وَجَبَتِ الدِّيَةُ. . وُزِّعَتْ، فَإِنْ كَافَأَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ. . فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِ. وَلَوْ أَكْرَهَ بَالِغٌ مُرَاهِقًا. . فَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ إِنْ قُلْنَا: عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ، وَهُوَ الأَظْهَرُ.
===

والنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" (١).
ولأنه كالآلة للمكرِه، فصار كما لو ضربه به، وإطلاقه يقتضي: أنه لا فرق في جريان الخلاف بين كون المكرِه الإمام أو نائبه، أو إمام البغاة، أو المتغلب باللصوصية، وغيرهم، وهو الصحيح.
وقيل: محله في الإمام؛ فإن كان متغلبًا. . اقتص من المأمور قطعًا.
والفرق: أن الإمام واجب الطاعة في الجملة فأمره وإكراهه يورث شبهة تدرأ القصاص، والأصحُّ: أن الإكراه هنا لا يحصل إلا بالتخويف بالقتل، أو بما يخاف منه التلف كالقطع والضرب الشديد، وقيل: يحصل بما يحصل به الإكراه على الطلاق.
(فإن وجبت الدية) بأن آل الأمر إليها (. . وزِّعت) كالشريكين (فإن كافأه أحدهما فقط) بأن كان المقتول ذميًّا أو عبدًا، وأحدهما كذلك، والآخر مسلم أو حر (. . فالقصاص عليه) دون الآخر؛ لأنهما كالشريكين، وشريك غير المكافئ يلزمه القود؛ كشريك الأب.
(ولو أكره بالغ) عاقل (مراهقًا) أو عكسه (. . فعلى البالغ القصاص إن قلنا: عمد الصبي عمد، وهو الأظهر) لوجود مقتضيه، وهو القتل المحض العدوان، واندفع عن المراهق؛ لعدم التكليف، فإن قلنا: عمده كخطأ البالغ. . فلا؛ كما لو اشترك المخطئ، والعامد في القتل.
وما أطلقه من أن (عمد الصبي عمد) قيّده في "الروضة" في الكلام على شريك الصبي نقلًا عن القفال وغيره بمن له نوع تمييز، أما من لا تمييز له. . فعمده خطأ قطعًا (٢).
---------------
(١) أخرجه الحاكم (٢/ ١٩٨)، وابن حبان (٧٢١٩)، وابن ماجه (٢٠٤٥) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) روضة الطالبين (٩/ ١٦٣).

الصفحة 17