كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 4)

وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى رَمْيِ شَاخِصٍ عَلِمَ الْمُكْرِهُ أَنَّهُ رَجُلٌ وَظَنَّهُ الْمُكْرَهُ صَيْدًا. . فالأَصَحُّ: وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرِهِ. أَوْ عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ فَأَصَابَ رَجُلًا. . فَلَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ. أَوْ عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ فَزَلقَ وَمَاتَ. . فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَقِيلَ: عَمْدٌ.
===

(ولو أكره على رمي شاخص علم المكره أنه رجل، وظنّه المكره صيدًا) أو حجرًا (. . فالأصح: وجوب القصاص على المكرِه) أي: بكسر الراء لأنه قتله قاصدًا للقتل بما يقتل غالبًا، دون المكرَه بفتحها؛ لأنه جاهل بالحال، فكان كالآلة للمكرِه؛ كما إذا أمر صبيًّا لا يعقل أو أعجميًّا يعتقد وجوب طاعة الأمر ولا يميز بين المحظور والمباح بقتل إنسان، فقتله. . فإنه يجب القصاص على الآمر، والثاني: لا تجب عليه؛ لأنه شريك مخطى، وقال البُلْقيني: إنه المعتمد في الفتوى، وحكاه عن "تعليق" القاضي و"التهذيب" و"النهاية" و"البسيط"، قال: والأول مفرع على مرجوح وهو: أن المكرَه كالآلة، والأصحُّ: أنه شريك، وتبعه الزركشي.
(أو على رمي صيد فأصاب رجلًا. . فلا قصاص على أحد) من المكرِه والمكرَه؛ لأنهما لم يتعمداه، وتجب نصف الدية على عاقلة هذا، ونصفها على عاقلة ذاك إن ضمّنا المكره -بفتح الراء- وهو الأظهر، وجميعها على عاقلة المكره -بكسر الراء- إن لم نضمن المكره بفتح الراء.
(أو على صعود شجرة) أو على نزول بئر (فزلق ومات. . فشبه عمد) لأنه لا يقصد به القتل غالبًا، وقضيته: وجوب الدية على عاقلة المكره بكسر الراء، وبه جزم في "التهذيب" (١)، قال الأَذْرَعي: لكن حكى ابن القطان في "فروعه" نص الشافعي على أنها في ماله، (وقيل: عمد) لأنه تسبب إلى قتله، فأشبه ما لو رماه بسهم، ولا يؤثر خطأ المكره -بفتح الراء- حتى يجعل شريك خاطى؛ لأن خطأه نشأ من إكراهه، وهذا قاله الغزالي (٢).
قال ابن السكري في "حواشي الوسيط": والتحقيق: أن صعود الشجرة ونحوه إن
---------------
(١) التهذيب (٧/ ٦٧).
(٢) الوسيط (٦/ ٢٦٥).

الصفحة 18