كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 4)

فَلَوْ غَرَزَ إِبْرَةٌ بِمَقْتَلٍ. . فَعَمْدٌ، وَكَذَا بِغَيْرِهِ إِنْ تَوَرَّمَ وَتألَّمَ حَتَّى مَاتَ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ وَمَاتَ فِي الْحَالِ. . فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَقِيلَ: عَمْدٌ، وَقِيلَ: لَا شَيْءَ. وَلَوْ غَرَزَ فِيمَا لَا يُؤْلمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ. . فَلَا شَيْءَ بِحَالٍ.
===

يكون الضرب في مقتل، أو المضروب صغيرًا أو ضعيفًا، وألّا يكون في شدة حر أو برد معين على الهلاك، فإن كان فيه شيء من ذلك. . فهو عمد؛ لأنه يقتل غالبًا في هذه الأحوال. قاله في "الروضة" و"أصلها" (١).
(فلو غرز إبرة بمقتل) كالعين وأصول الأذن والحلق والدماغ (. . فعمد) لخطر الموضع وشدة تأثيره، (وكذا بغيره) أي: بغير المقتل؛ كالإلية والفخذ (إن توزم وتألّم حتى مات) لحصول الهلاك به، وظاهر كلامه: أنه لا بد من اجتماع التورم والتألم.
ومفهومه: أنه لا قصاص في الألم بلا ورم، لكن صحح في "شرح الوسيط" الوجوب، وأما عكسه -وهو الورم بلا ألم-. . فقد لا يتصور؛ ولهذا اقتصر في "الحاوي الصغير" على الورم؛ للزوم الألم له (٢).
(فإن لم يظهر أثر ومات في الحال. . فشبه عمد) لأن الغالب منه السلامة؛ كالضرب بسوط خفيف، (وقيل: عمد) كما لو طعنه بمِسَلَّة فمات في الحال؛ لأن في البدن مقاتل خفية، فربما صادفها، (وقيل: لا شيء) أي: لا قصاص ولا دية؛ إحالة للموت على سبب آخر.
وما ذكره من التفصيل بين المقتل وغيره إنما هو في حق المعتدل، أما إذا غرز في بدن صغير أو شيخ همٍّ، أو نضو الخلق في أي موضع كان. . وجب القصاص؛ كما نقلاه عن "الرقم" للعبادي، وأقراه (٣).
(ولو غرز) إبرة (فيما لا يؤلم؛ كجلدة عقب. . فلا شيء بحال) لعلمنا أنه لم
---------------
(١) روضة الطالبين (٩/ ١٢٥)، الشرح الكبير (١٠/ ١٢٣).
(٢) الحاوي الصغير (ص ٥٥٥).
(٣) الشرح الكبير (١٠/ ١٢٢)، روضة الطالبين (٩/ ١٢٥).

الصفحة 9