كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (اسم الجزء: 4)

480 - ووقف أبو أمية ابن حمدون بباب الأستاذ الشلوبين، فكتب في ورقة " أبو أمية بالباب " ودفع الورقة لخادم الأستاذ، فلما نظر إليها الأستاذ نوّن تاء أمية، ولم يزد على ذلك، وأمر الخادم بدفع الورقة إليه، فلما نظر فيها أبو أمية انصرف، علماً منه أن الأستاذ صرفه، فانظر إلى فطنة الشيخ والتلميذ، مع أن الشيخ منسوب إلى التغفل في غير العلم.
481 - ومن حكايات أهل الأندلس في العفو أن المعتصم بن صمادح كان قد أحسن للنّحلي البطليوسي، ثم إن النّحلي سار إلى إشبيلية، فمدح المعتضد ابن عباد بشعر قال فيه:
أباد ابن عبّاد البربرا ... وأفنى ابن معنٍ دجاج القرى ونسي ما قاله، حتى حلّ بالمريّة، فأحضره ابن صمادح لمنادمته، وأحضر للعشاء موائد ليس فيها غير الدجاج فقال: النحلي: يامولاي، ماعندكم في المدية لحم غيرالدجاج إنما أردت أن أكذبك في قولك:
وأفنى ابن معنٍ دجاج القرى ... فطار سكر النحلي وجعل يعتذر فقال له خفض عليك إنما ينفق مثلك بمثل هذا وإنما العتب على ما سمعه فاحتمله منك في حق من هو في نقابه ثم أحسن إليه وخاف النحلي فغير من المرية، ثم ندم فكتب إلى المعتصم:
رضى ابن صمادح فارقته ... فلم يرضي بعده العالم
وكانت مرتيه جنة ... فجئت بما جاءه آدم فما زال يتفقده بالإحسان على بعد دياره، وخروجه عن اختياره، انتهى.
482 - وقال في بلنسية أبو عبد الله الرصافي، وقد خرج منها صغيراً (1) :
__________
(1) ديوان الرصافي: 69.

الصفحة 9