كتاب شرح مشكل الوسيط (اسم الجزء: 4)

فأوهم بهذا أنهما مسألتان، والخلاف في (¬1) الثانية دون الأولى، وليس كذلك قطعا، وكان ينبغي أن يقدم ذكر الخلاف من الأول (¬2)، ولا يكرّر صورة واحدة بعبارتين، وعبارة "النهاية" (¬3)، و"البسيط" (¬4) سالمة عن هذا الإيهام، والله أعلم.
قوله في القضاء في المسجد: "قال الشافعي - رحمه الله -: إذا كنت أكره ذلك فإقامة الحدود أكره" (¬5)، إنما قال الشافعي "وأنا لإقامة الحد في المسجد أكره" (¬6) وهذا هو الصواب، والله أعلم.
قوله في أنه لا يقضي مع الحزن والألم والجوع: "إذ يسوء خلقه فيحتدّ غضبه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يقضي القاضي، وهو غضبان" (¬7).
تمامه أن يقول: وإن لم يحتدّ غضبه فيشتغل قلبه، فهو في معنى المنصوص، وهذا الحديث في الصحيحين (¬8) من رواية أبي بكرة (¬9) بتاء التأنيث، والله أعلم.
¬__________
(¬1) في (ب): (من).
(¬2) في (ب): (الأولى).
(¬3) 25/ ق 124/ أ.
(¬4) 6/ ق 81/ أ.
(¬5) الوسيط: 3/ ق 220/ ب، ولفظه في النسخة التي بين يدي " ... فإقامة الحدود أولى بأن أكره".
(¬6) هذا لفظه في مختصر المزني: ص 315، ولفظه في الأم: 6/ 278 "وإذا كرهت له أن يقضى في المسجد فلأن يقيم الحد في المسجد، أو يعزر أكره".
(¬7) الوسيط: 3/ ق 221/ أ.
(¬8) البخاري: 13/ 146 مع الفتح في كتاب الأحكام، باب هل يقضي القاضي، أو يفتي وهو غضبان؟، ومسلم: 12/ 15 مع النووي في كتاب الأقضية، باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان.
(¬9) هو نفيع بن الحارث بن كَلَدَة بن عمرو، أبو بكرة الثقفي، وقيل: اسمه مسروح - بمهملات - أسلم بالطائف، وكان من فضلاء الصحابة، وإنما كني أبا بكرة؛ لأنه كان يدلي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من حصن الطائف ببكرة فاشتهر بأبي بكرة ثم نزل البصرة، ومات بها سنة 51 أو 52 هـ. انظر: الاستيعاب: 3/ 567، وتهذيب الأسماء واللغات: 2/ 198، الإصابة: 3/ 571 - 572، التقريب: ص 565.

الصفحة 369