كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 4)

12 و مصنّفيها، و المؤلّفات و مؤلّفيها. له التّصانيف الحسنة، التى اتّفقت على إطرائها الألسنة، و ثنت إليها من الفضلاء عنانها الأثنية المستعذبة المستحسنة. المسك فى الطّيب دون ذكره، و العنبر معرب عن برّه. وجوده بالعراق بين الطّغام، وجود الذّهب فى معدن الرّغام. جامع الكتاب النّفيس، المرسوم «بلمح الملح» فى التّجنيس، و مؤلّف كتاب «الإعجاز فى الأحاجى و الألغاز». و قائل القول المستفاد، و الشّعر المستجاد.
نظمه بديع صنيع، و خاطره فى إيداعه و إبداعه كلّ معنى حسن جرىّ سريع، فشعره مصرّع مرصّع، معلم بالعلم ملمّع. برده مفوّف 1، و سهمه مفوّق 2، و عوده مطيّب 3 مورّق، و شرابه مروّق، و بحره فيّاض، و درعه فضفاض، و ضرغامه للفضل فارس، و مقوله على طرف الفصاحة فارس، سمعت بسيره 4 الحجاز و فارس. سوق الأدب قائمة بمكانه فى سوق الكتب، و إذا حاورته لا تسمع منه غير النّكت و النّخب.
قلبه قليب المعنى، و نحره بحره، و صدره مصدره، و سحره سحره، و خاطره غيثه الماطر، و ليثه القاهر، و جناته من الجنان فإنّه معدن الغرّ الحسان، و لسانه كالسّنان، و العضب اليمان. عجيب الفنّ غريبه، غضّ الفنن رطيبه. مقطّعاته أكثر من قصائده؛ فإنّه يقع له معنى فينظمه بيتا أو بيتين فى فرائده. و قد ألّف كلّ مؤلّف ظريف، و أودعه كلّ كلام لطيف، و لا يكون اعتناؤه أكثر زمانه، إلاّ بالجمع و التّأليف، و تصريف القول فى التّصنيف. و لم يزل مجمع الفضلاء دكّانه، و منبع الفضل مكانه.
قال العماد 5: و كنت أحضر عنده، و أقدح زنده، و أستنشق بانه و رنده، و هو ينشدنى ما ينشيه، و يسرّح ناظرى فيما يوشّيه.
أنشدنى لنفسه فى وصف العذار مقطّعات أرقّ من الاعتذار، غاص على ابتكار معانيها بالافتكار.
فمنها قوله من الأبيات العذاريّات 6:

1) برد مفوف: فيه خطوط بيض، و أيضا: رقيق.
2) فوّق السهم: وضعه فى الوتر.
3) فى الخريدة: «رطيب».
4) فى الخريدة: «بشائر سيره».
5) خريدة القصر (العراق) 4/ 1 / 32.
6) خريدة القصر (العراق) 4/ 1 / 33، و وفيات الأعيان 2/ 368.

الصفحة 12