كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 4)

28 كان إماما عالما علاّمة، شيخ الإسلام، و قدوة الأنام، و مرجع الخاصّ و العامّ.
قال فى حقّه السّيّد عبد الرحيم العبّاسىّ، فى ديباجة نسخة من «شرح شواهد التّلخيص» 1 له، كتبها باسم صاحب الترجمة، و من خطّه نقلت: هو مولى تنخفض همم الأقوال عن بلوغ أدنى فضائله و معاليه، و يقصر جهد الوصف عن أيسر فواضله و مساعيه، حضرته مطلع الجود، و مقصد الوفود، و قبلة الآمال، و محطّ الرّحال، و مجمع الأدباء، و حلبة الشعراء، ذو همة مقصورة على مجد يشيّده، و إنعام يجدّده، و فاضل يصطنعه، و خامل وضعه الدّهر فيرفعه، فاق الأقران، و ساد الأعيان، فلا يدانيه مدان، و لو كان من بنى عبد المدان 2، و ليس يجاريه فى مضمار الجود جواد، و لا يباريه فى ارتياد السيادة مرتاد.

ما كلّ من طلب السّعادة نافدا
فيها و لا كلّ الرجال فحولا

لا زالت آى مجده بألسن الأقلام متلوّة، و أبكار الأفكار بمديح معاليه مجلوّة.
ثم قال يصف مكارمه و فواضله، و إنعامه عليه، و إسداء الخيرات إليه، عندما قصد حضرته، و أمّ ساحته، و حين أناخ مطايا قصده بأفناء سعده، صادف مولا حفيّا و ظلاّ ضفيّا، و مرتعا رحيبا، و مربعا خصيبا، و بشاشة وجه تسرّ القلوب، و طلاقة/محيّا تفرّج الكروب، و تغفر للدهر ما جناه من الذنوب، مع ما يضاف إلى ذلك من منظر و سيم، و مخبر كريم، و خلائق رقّت و راقت، و طرائق علت وفاقت، و فضائل ضفت مدارعها، و شمائل صفت مشارعها، و سؤدد تثنى به عقود الخناصر، و يثنى عليه طيب العناصر، فحمد من صباح قصده السّرى، و علم أنّ كلّ الصّيد فى جوف الفرا، إنّ الكريم إذا قصدت جنابه تلقاه طلق الوجه رحب المنزل و ها هو فى ظلّ عزّه رخىّ البال، متميّز الحال، آمن من صرفان الدّهر، و حدثان القهر، يرتع فى رياض فضله، و يخرج من طلّ جوده و وبله، قد عجز عن الشكر لسانه، و كلّ عن رقم الحمد بنانه، لم يفقد من تفيّئ رأفته ظلالا، و لم يقل لصدح آماله انتجعى بلالا، و به حقّق قول القائل من الأوائل 3:

1) انظر: معاهد التنصيص 1/ 4، 5.
2) عبد المدان: أبو قبيلة من بنى الحارث. تاج العروس (مدن) 9/ 342، 343.
3) انظر يتيمة الدهر 3/ 109.

الصفحة 28