كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 4)
29
و لمّا انتجعنا لائذين بظلّه
أعان و ما عنّى و منّ و ما منّى
وردنا عليه مقترين فراشنا
و ردنا نداه مجدبين فأخصبنا
و جملة ما يقوله فى العجز عن حمده و شكره، و الثناء على جوده و برّه:
أما و جميل الصّنع منه و إنّها
أليّة برّ مثلها لا يكفّر
لو اسطعت حوّلت البريّة ألسنا
و كنت بها أثنى عليه و أشكر
و لست أوفّى حقّ ذاك و إنّما
قياما بحقّ الشكر جهدى أشمّر
و ذكره العلاّمة بدر الدين الغزّىّ العامرىّ، عالم دمشق، بل عالم الدّيار الشاميّة بأسرها، فى «رحلته إلى الدّيار الروميّة»، و بالغ فى الثناء عليه، و قال: قاضى قضاة المسلمين، و أولى ولاة الموحّدين، و ينبوع العلم و اليقين، العادل العدل فى أحكامه، و المراقب للّه فى فعله و كلامه، عين إنسان الزمان، و إنسان عين البيان، قاضى القسطنطينيّة، سعدى بن عيسى بن أمير خان، ما قرن به فاضل فى الرّوم إلاّ رجحه، و لا ألقى إليه مهمّ من العلم إلاّ كشفه و أوضحه، له صادقات عزائم، لا تأخذه فى اللّه لومة لائم، إلى عفّة و نزاهة و ديانة، و همّة عالية و صيانة، و طلاقة وجه مع خلق وضىّ، و خلق رضىّ. إلى أن قال، أعنى صاحب «الرحلة»: و كان يكرمنى و يجلّنى عند ما أجتمع به، و يمدحنى عند الناس بالعلم، و يصفنى بالفضيلة التامّة و المعرفة الجيّدة.
و افتخار البدر بتربية السّعد، دليل واضح على علوّ شانه، و رفيع مكانه.
و أورد فى الرحلة طرفا يسيرا من مدائح السّيّد عبد الرحيم العبّاسىّ المذكور فى حقّه، فمن ذلك ما كتبه إليه و قد عمّر منزلا و سكن فيه يوم النّوروز:
يا عظيما دونه شمس الضّحى
بدليل قطّ ما فيه خفا
هى بالمنزل تعطى شرفا
و بك المنزل يعطى الشّرفا
و كتب إليه أيضا يمدحه، و هو قاض إذ ذاك بالقسطنطينيّة، و كان زمن النّوروز أيضا، قوله:
/قرّت عيون العلا مذ بتّ راعيها
و بالثّناء شذت إذ صرت واعيها
و منك قد أشرقت أيّامها و غدت
من مدّها بالسّنا بيضا لياليها
و كيف لا يبهج الأيّام سؤدد من
سمت معاليه عن قرم يساميها
لا تسألنّ سوى علياه عنه تصب
فالدار تنبئ عن مقدار بانيها