كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 4)

31

و ليس لى غير مقدور الثناء فلى
فيه حدائق قد طابت مجانيها

/إن أدعها لك فى حمد و فى مدح
جاءت إلىّ مطيعات قوافيها

ففيه أهديت أبياتا إذا قبلت
أربت على درر تزهو مرائيها

و حكى صاحب «الشّقائق» أن صاحب الترجمة كان مدرّسا بإحدى الثّمان، و أنّه ولى منها قضاء القسطنطينيّة، ثمّ عزل، و عاد مدرسا بإحدى الثّمان، ثم صار مفتيا بالديار الروميّة، و بالغ فى الثناء عليه، و أرّخ وفاته سنة خمس و أربعين و تسعمائة، رحمه اللّه تعالى.
و كان المولى سعدى جمّاعا لنفائس الكتب، ملك منها شيئا كثيرا، قلّما رأيت كتابا بالديار الرومية إلاّ و عليه خطّه بالملكيّة.
و له من التّصانيف: «حاشية» على «الهداية و شرحها»، للشيخ أكمل الدّين، و هى من الكتب المهمّة الكثيرة النّفع، المتداولة بين أهل الفضل، و كفى بها دلالة على وسع اطّلاعه، و اطّلاعا على دقّة فهمه، و قد تركها مسوّدة، و إنّما جمعها و رتّبها على هذا الأسلوب تلميذه عبد الرحمن أفندى، و كان فى الصّناعة قليل البضاعة، فربما رأى فى بعض الأماكن حاشية لم يجعل المصنّف لها علامة، فينقلها فى غير محلّها، فيأتى من لا علم له و يعترض على المؤلّف، و البلاء من سوء فهم الذى جمع. و له «حاشية» على «تفسير القاضى»، لم تكمل، و هى مشهورة، متداولة فى أيدى الناس، و قد أخبرنى بعضهم بالديار الروميّة، أن المصنّف أكمل الحاشية المذكورة قبل وفاته. و لم أتحقّق ذلك، و اللّه تعالى أعلم.
و كان، رحمه اللّه تعالى، كثير الكتابة و سريعها، حتى إن ما كتبه لو جمع لكان ربما يزيد على خمسين مجلّدا، و أخبرنى الصّديق الأعزّ أحمد چلبى ابن قاضى القضاة حسن ابن عبد المحسن، أنّه رأى بخطّه «مغنى اللّبيب» لابن هشام، و له على هوامشه بعض أبحاث لطيفة. و له كتابة على بعض نسخ «القاموس»، جمعها الشيخ الفاضل، بدر الدين القرافىّ المالكىّ، مع حواش أخر لبعض البلقينيّة عليه فى كتاب مستقلّ، رأيته بخطّه. و له من الرسائل و التّحارير و التّعاليق على هوامش الكتب، ما لا يعدّ و لا يحصى، هذا مع اشتغاله تارة بالأحكام الشرعيّة، و تارة بالكتابة على الفتاوى الفرعيّة، و تارة بالعبادة. رحمه اللّه تعالى.
***

الصفحة 31