كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 4)

35 و روى أنّه قال: كنت ببغداد، فأردت الانحدار إلى البصرة، فقلت لابن أخى:
اكتر لنا. فجعل ينادى: يا معشر الملاّحون. فقلت له: ويلك، ما تقول! فقال:
جعلت فداك، أنا مولع بالنّصب.
و عن روح بن عبادة، قال: كنّا عند شعبة، فضجر من الحديث، فرمى بطرفه، فرأى أبا زيد سعيد بن أوس فى أخريات الناس، فقال يا أبا زيد:

استعجمت دار مىّ ما تكلّمنا
و الدار لو كلّمتنا ذات أخبار 1

/إلىّ يا أبا زيد. فجاءه، فجعلا يتناشدان الأشعار، فقال بعض أصحاب الحديث لشعبة: يا أبا بسطام، نقطع إليك ظهور الإبل لنسمع منك حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فتدعنا و تقبل على الأشعار! قال: فرأيت شعبة قد غضب غضبا شديدا، ثم قال: يا هؤلاء، أنا لا أعلم بالأصلح لى، أنا و اللّه الذى لا إله إلاّ هو فى هذا أسلم منه فى ذاك.
و روى أنّ بعض أصحاب الحديث سرق نعل أبى زيد، فكان إذا جاء أصحاب الشّعر و الغريب و الأخبار، رمى بثيابه، و لم يتفقّدها، و إذا جاء أهل الحديث جمعها كلّها، و جعلها بين يديه؛ و قال: ضمّ يا ضمّام، و احذر لا تنام.
و روى أنّ أبا زيد سئل عن أبى عبيدة و الأصمعىّ، فقال: كذّابان. و سئلا عنه، فقالا: ما شئت من عفاف و تقوى و إسلام.
مات سنة خمس عشرة و مائتين، رحمه اللّه تعالى.
و ذكره فى «الدّرّ الثمين»، و ذكر له عدّة مصنفات، منها: كتاب «مراتب النحويّين»، و كتاب «إيمان عثمان»، و كتاب «حيلة و محالة»، و كتاب «القوس»، و كتاب «الهوش و البوش» 2، و كتاب «الإبل و الشّاء»، و كتاب «خلق الإنسان»، و كتاب «الأبيات»، و كتاب «المطر»، و كتاب «النّبات و الشّجر»، و كتاب «اللّغات»، و كتاب «قراءة أبى عمرو»، و كتاب «النّوادر»، و كتاب «الجمع و التّثنية»، و كتاب «بيوتات العرب»، و كتاب «تخفيف الهمز»، و كتاب

1) البيت منسوب للنابغة، و هو فى ديوانه بشرح ابن السكيت 233. و فيه: «دار نعم».
2) كذا ورد، و فى الفهرست: «الهوش و النوش». و فى إنباه الرواة، و معجم الأدباء و الوافى: «القوس و الترس».

الصفحة 35