كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 4)

418 صاعد 1، و ابن نيروز 2، و أبى حامد محمد بن هارون الحضرمىّ، و محمد بن نوح، و جماعة. ولد سنة ستّ و ثلاثمائة. قال الخطيب: كان من أجلاد 3 الرّجال، و ألبّاء الناس، مع تجربة، و حنكة، و فطنة، و بصيرة ثاقبة، و عزيمة ماضية، و كان يجمع وسامة فى منظره، و ظرفا فى ملبسه، و طلاقة فى مجلسه، و بلاغة/فى خطابه، و نهوضا بأعباء الأحكام، و هيبة فى القلوب، قد ضرب فى الأدب بسهم، و أخذ من علم الكلام بحظّ. قال العتيقىّ: كان مجرّدا فى الاعتزال، و لم يكن له سماع كثير.
قلت: روى عنه الحسن بن محمد الخلاّل، و العتيقىّ، و عبد الواحد بن شيطا، و أبو جعفر بن المسلمة. و وثّقه الخطيب.
توفّى فى صفر. و له شعر رائق.
انتهى ما قاله الذّهبىّ بحروفه، فى وفيات سنة إحدى و ثمانين و ثلاثمائة.
و ذكره الثّعالبىّ، فى كتاب «يتيمة الدهر»، و لكن لم يتعرّض لمذهبه فى الفقه، فقال: و كان، كما قرأته فى فصل للصّاحب، شجرة فضل عودها أدب، و أغصانها علم، و ثمرتها عقل، و عروقها شرف، تسقيها سماء الحرّيّة، و تغذّيها أرض المروّة.
ثم قال، أعنى الثّعالبىّ: و قد تقدّم بعض ذكره فى منادمة المهلّبىّ، و غيره من الوزراء، و جمعه بين جدّ العلم و هزل الظّرف، و خشونة الحكم و لين قشرة العشرة، و كان على تقلّده قضاء القضاة دفعات بالحضرة، و اشتغاله بجلائل [الأعمال من أمور] 4 المملكة، يقول شعرا لطيفا فى الغزل، يتعاوده القوّالون و القيان ملحّنا.
قال: و قرأت لأبى إسحاق الصّابى فصلا، و هو: وصل كتاب قاضى القضاة بالألفاظ التى لو مازجت البحر لأعذبته، و المعانى التى لو واجهت دجى الليل لأزاحته، فلم أدر بأىّ مذاهبه فيها أعجب، و لا من أيّها أتعجّب، أمن قريض عقوده منظومة، أم من ألفاظ لآليها منثورة، أم من ولوجها الأسماع سائغة، أم من شفائها الغلّة ناقعة، فأمّا الأبيات التى رسم المغنّى 5 بتلحينها، و قال بمذهب أهل الحجاز فيها، فما أعرف كفوا لمثلها ملحّنا و لو كان إسحاق الموصلىّ، و لا

1) أى: يحيى بن محمد بن صاعد.
2) فى النسخ: «فيروز». و هو محمد بن إبراهيم بن نيروز، انظر: تاريخ بغداد.
3) فى تاريخ بغداد: «أجلاء». و المصنف ينقل عن الذهبى، و فيه: «أجلاد».
4) تكملة من اليتيمة.
5) فى النسخ: «المعنى». و فى اليتيمة: «التقدم».

الصفحة 418