كتاب الفتاوى الفقهية الكبرى (اسم الجزء: 4)
عَنْ رَبِّ الدَّيْنِ فَهَلْ تَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْ رَبِّ الدَّيْنِ وَيَأْخُذُ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَمْ تَجِبُ الْيَمِينُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ حَتْمًا أَمْ لَا وَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَصْلًا عَلَى الْمُدَّعِي إذَا أَنْكَرَ أَوْ مَرْدُودَةً عَلَى الْمُدَّعِي؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ خَاصٌّ لَمْ تَجِب الْيَمِينُ إلَّا بِطَلَبِهِ وَكَذَا سَائِرُ الدَّعَاوَى لَا تَجِبُ الْيَمِينُ فِيهَا إلَّا بِطَلَبِ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ إنْ تُصَوِّرَ مِنْهُ طَلَبٌ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ تَمَلَّكَ مَالًا وَنَقَلَهُ عَنْ مِلْكِهِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ بَالِغٍ أَوْ صَبِيٍّ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ بِبَيْعٍ أَوْ صَيْرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الْوَاضِعِ يَدَهُ عَلَى الْمَالِ الْمَنْقُولِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ فَأَنْكَرَ الْوَاضِعُ يَدَهُ وَقَالَ هَذَا مِلْكِي وَأَنَا حَائِزٌ لَهُ صَارَ لِي مِنْ فُلَانٍ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعِي أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ مِلْكَ أَبِي وَصَارَ لِي بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيِّ فَاحْلِفْ لِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّك مَا تَعْلَمُ فَهَلْ تَلْزَمهُ الْيَمِينُ أَوْ تَلْزَمُ النَّاقِلَ الَّذِي صَارَ لَهُ مِنْ قَبْلِهِ إذَا كَانَ حَيًّا وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا هَلْ تَلْزَمُ وَرَثَتَهُ أَوْ لَا فَإِذَا قُلْتُمْ بِلُزُومِهَا عَلَى النَّاقِلِ أَوْ الْمَنْقُولِ وَنَكَلَ فَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورُ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ لِاسْتِحْقَاقِهِ لِذَلِكَ وَيَأْخُذُ الْمَالَ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ إنَّمَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى وَاضِعِ الْيَدِ ثُمَّ وَهُوَ الَّذِي يُجِيبُ بِالِاعْتِرَافِ أَوْ الْإِنْكَارِ فَيُطَالَبُ بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَبِالْيَمِينِ بَتًّا وَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الْعَيْنُ بِحُجَّةٍ رَجَعَ بِثَمَنِهَا إنْ كَانَ عَلَى مَنْ تَمَلَّكَهَا بِهِ مِنْهُ بِشَرْطِهِ.
(وَسُئِلَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَمَّا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو مُدَّعًى فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى رَافِعَةٍ لِلْمُدَّعَى بِهِ كَقَوْلِهِ أَبْرَأْتنِي مِنْ هَذَا الْمَبْلَغِ أَوْ أَدَّيْتُك إيَّاهُ أَوْ أَقْرَرْتُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَك عَلَيَّ حَقٌّ وَلَمْ يَمْضِ زَمَانٌ بَعْد هَذَا الْإِقْرَارِ يُمْكِنُ فِيهِ تَرَتُّبُ حَقٍّ لِلْمُقِرِّ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي صَارَ مُدَّعِيًا بِالدَّافِعِ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي أَوَّلًا عَلَيَّ نَفْيِ وُقُوعِ الدَّافِعِ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَوَّلًا تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى عَدَمِ الْمُدَّعَى بِهِ مَنْ يُقَدَّمُ مِنْهُمَا فِي الْإِجَابَةِ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ اقْتِرَانِ جَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّافِعِ بِنَفْيِ الْمُدَّعَى بِهِ أَمْ لَا يُفَرَّق وَهَلْ قَوْلُهُ أَقْرَرْتُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَك عَلَيَّ حَقٌّ بِشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَاقِعٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ لَيْسَ هُنَا يَمِينَانِ مُتَرَتِّبَتَانِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ التَّعَارُضُ فِي الْمُقَدَّمِ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا هُنَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ هِيَ عَلَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ مَا أَبْرَأَ وَمَا أَقَرَّ وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا أَدَّى إلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَهَا الْمُدَّعِي أَخَذَ الْحَقَّ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِهِ رَافِعًا لَهُ لَمْ يَثْبُتْ فَلَزِمَهُ أَدَاؤُهُ عَمَلًا بِأَصْلِ الِاسْتِصْحَابِ.
وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْهُمَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْإِبْرَاءِ أَوْ الْإِقْرَارِ أَوْ الْأَدَاءِ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّ الْيَمِينَ هُنَا مُتَوَجِّهَةٌ أَوَّلًا عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا تَوَجَّهَتْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ السَّائِلُ وَقَوْلُهُ أَقْرَرْتُ إلَخْ دَافِعٌ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ وَإِنْ فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ لِلْحَاكِمِ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي أَوْ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنِّي الْأَلْفَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِمَا يُسْقِطُهُ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فَكَانَتْ الْيَمِينُ فِي جِهَةِ الْمُدَّعِي أَوَّلًا كَمَا قَدَّمْتُهُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْيَمِينِ الَّتِي تُطْلَبُ مِنْ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ يُشْتَرَطُ سَمَاعُ الْقَاضِي إيَّاهَا أَوْ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ تُسْمَعُ أَوْ لَا وَإِذَا نَكَلَ هَلْ يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُ نُكُولَهُ بِقَوْلِهِ أَنَا نَاكِلٌ أَوْ لَوْ سَمِعَهُ غَيْرُهُ كَفَى أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُسْمَعُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ كَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ فِي مَسَائِلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الْقَاضِي أَوْ مَنْ أَنَابَهُ فِي ذَلِكَ لِلْيَمِينِ وَالنُّكُولِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَحْلِيفَهُ حُكْمٌ عَلَيْهِ بِحَلِفِهِ أَوْ بِنُكُولِ خَصْمِهِ وَإِذَا كَانَ حُكْمًا بِذَلِكَ فَهُوَ كَالْحُكْمِ
الصفحة 381
397