كتاب الفتاوى الفقهية الكبرى (اسم الجزء: 4)

أَوَّلًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الصِّيغَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَخِيرَة وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَهِيَ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَحَاصِلُ مَا فِي الْجَامِعِ لَوْ قَالَ أَيُّ عَبْدٍ ضَرَبْتَهُ فَهُوَ حُرٌّ وَضَرَبَ الْكُلَّ فَإِنْ كَانُوا مَعًا عَتَقَ وَاحِدٌ وَبَيَّنَهُ السَّيِّدُ لَا الضَّارِبُ أَوْ مُرَتَّبًا عَتَقَ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ وَقْتَ ضَرْبِهِ أَوْ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبُوهُ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا عَتَقُوا وَالْفَرْقُ مِنْ وُجُوهٍ ذَكَرَهَا مِنْهَا لَوْ قَالَ أَيُّ نِسَائِي شِئْتَ طَلَاقَهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَشَاءَ طَلَاقَ الْكُلِّ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا وَاحِدَةٌ وَيُبَيِّنُهَا الزَّوْجُ أَوْ مَنْ شَاءَتْ طَلَاقَهَا فَهِيَ طَالِقُ فَشِئْنَ طُلِّقْنَ.
وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ أَيَّ نِسَائِي شِئْتَ لَمْ يُطَلِّقْ غَيْرَ وَاحِدَةٍ، أَوْ أَيُّ نِسَائِي شَاءَتْ طَلَاقَهَا فَطَلِّقْهَا فَشِئْنَ جَمِيعًا فَطَلَّقَهُنَّ طَلُقْنَ، أَوْ مَنْ شِئْتَ عِتْقَهُ مِنْ عَبِيدِي فَاعْتِقْهُ فَأَعْتَقَهُمْ جَمِيعًا فَعَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ شَاءَ عِتْقَهُمْ وَلَمْ يَعْتِقْهُمْ، لَا يَعْتِقُونَ أَوْ مَنْ شَاءَ مِنْ عَبِيدِي عِتْقَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَشَاءُوا، أَوْ أَعْتِقُ مِنْ عَبِيدِي مَنْ شَاءَ فَإِذَا شَاءُوا فَأَعْتِقْهُمْ عَتَقَ الْكُلُّ، أَوْ مَنْ سَرَقَ مِنْ النَّاسِ فَاقْطَعْهُ كَانَ لَهُ قَطْعُ كُلِّ سَارِقٍ، أَوْ اقْطَعْ مِنْ السُّرَّاقِ مَنْ شِئْتَ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ التَّعْمِيمُ فَلَا يُقْطَعُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ اهـ وَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُ جَرَيَانِ هَذِهِ التَّفَاصِيلِ بِالنَّحْوِيِّ وَأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُحْمَلُ كَلَامُهُ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ فِي الْكُلِّ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ أَئِمَّتُنَا رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُمْ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ بِكَسْرِ إنْ وَفَتْحِهَا وَنَظَائِرِهِ، وَإِنَّمَا اُقْتُصِرَتْ عَلَى وَاحِدٍ فِيهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِتْقِ فَلَا يُصَارُ إلَى أَزْيَدَ مِنْ وَاحِدٍ إلَّا إنْ قُصِدَ أَوْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ قَوِيَّةٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ تِلْكَ الْقَرِينَةِ إلَّا مِنْ النَّحْوِيِّ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَأَلْغَيْنَا الْمَشْكُوكَ فِيهِ

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بِشَرْطِ مُلَازَمَتِهِ لِلصَّلَوَاتِ فَصَلَّى مُدَّةً ثُمَّ تَرَكَ فَهَلْ يَصِحُّ الْعِتْقُ أَوْ لَا فَيُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ غَيْرُهُ يُلَازِمُهَا.
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا بَعْدَ الْفَحْصِ وَتَتَبُّعِ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ صُورَةَ السُّؤَالِ أَعْتَقْتُكَ بِشَرْطِ أَنْ تُلَازِمَ أَوْ إنْ لَازَمَتْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا إنْ لَازَمَتْ عَلَى الصَّلَوَاتِ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ فَقَدْ أَعْتَقْتُكَ.
وَبَيْن الصُّورَتَيْنِ فَرْقٌ إنْ قُلْنَا إنَّ الْإِخْلَالَ بِهَذَا الشَّرْطِ فِي الْأُولَى يَقْتَضِي مَالًا وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَذَلِكَ الْفَرْقُ الْمَبْنِيُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ الظَّاهِرِ هُوَ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فَوْرًا فَيَعْتِقُ عَقِبَهُ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا يَكْفِي فِيهِ الْقَبُولُ مُطْلَقًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قُلْتُ إنْ قُلْنَا إلَخْ لِقَوْلِهِمْ يَصِحُّ الْعِتْقُ بِعِوَضٍ وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَحُكْمُهُ فِيهِ كَهُوَ فِيهِ فِي الْخُلْع فَحَيْثُ رُجِعَ ثَمَّ لِمَهْرِ الْمِثْلِ رُجِعَ هُنَا لِلْقِيمَةِ.
وَحَيْثُ رُجِعَ ثَمَّ لِلْمُسَمَّى فَهُنَا كَذَلِكَ وَحَيْثُ قُلْنَا ثَمَّ بِالْفَوْرِيَّةِ قُلْنَا بِهَا هُنَا وَحَيْثُ لَا فَلَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ فَوْرًا مَا لَمْ يَأْتِ بِنَحْوِ مَتَى أَوْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي وَأَنَّهُ حَيْثُ فَسَدَ بِنَحْوِ جَهْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَفْسُدُ بِهِ عِوَضُ الْخُلْعِ وَقَعَ الْعِتْقُ بِقِيمَتِهِ يَوْمئِذٍ.

فَمِنْ الْفَاسِدِ أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَنْ تَخْدُمنِي أَوْ أَنْ تَخْدُمَنِي أَبَدًا أَوْ إلَى مَرَضِي أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ قَبِلَهُ فَوْرًا عَتَقَ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ، أَوْ أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا وَقَبِلَ عَتَقَ وَلَزِمَتْهُ خِدْمَتُهُ شَهْرًا، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ الْخِدْمَةُ الْمُدَّةُ كُلُّهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ أَوْ بَعْضِهَا فَبِقِسْطِهِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ أَنْكِحَكِ وَمِثْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى أَنْ تَنْكِحِي زَيْدًا، أَوْ لِسَيِّدِ قِنٍّ أَعْتِقْهُ عَلَى أَنْ أُنْكِحَكَ ابْنَتِي اُحْتِيجَ لِلْقَبُولِ فَوْرًا فَيَقَعُ الْعِتْقُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ الْعِوَضَ لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ عِوَضِ خُلْعٍ وَأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لِقِنِّهَا أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَنْ تَنْكِحَنِي أَوْ عَلَى أَنْ أُعْطِيكَ أَلْفًا عَتَقَ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ لِانْتِفَاءِ الْمُعَارَضَةِ وَخُرُوجِ الشَّرْطِ إلَى الْوَعْدِ الْحَسَنِ، وَمَتَى مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بَطَلَ مَا لَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي فَيَقَعُ بِهِ مَتَى وَقَعَ بَعْدَهُ وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ التَّصَرُّفُ فِيهِ

الصفحة 387