كتاب الفتاوى الفقهية الكبرى (اسم الجزء: 4)
مَا لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ فِعْلُ الْمُعَلَّقِ بِهِ فَيَمْتَنِعُ مِنْهُ، وَيَأْتِي فِي فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ لِلْمُعَلَّقِ بِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا وَفِي التَّعْلِيقِ بِالْمُحَالِ مَا قَرَّرُوهُ فِي الطَّلَاقِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِقِنِّهِ وَحُرٍّ غَيْرِهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ لَا يَعْتِقُ قِنُّهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا تَحْتَاجُ فِي الْأَصْلِ لِإِيقَاعٍ فَإِيقَاعُهَا فِي الْغَيْرِ الْحُرِّ مُطَابِقٌ لِلْأَصْلِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ لِلْإِيقَاعِ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الزَّوْجَةِ هُوَ الْأَصْلُ الْمُتَبَادِرُ فَانْصَرَفَ إلَيْهَا وَهَذَا وَاضِحٌ
وَإِنَّمَا الْخَفِيُّ مَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِقِنِّهِ وَقِنِّ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ انْصِرَافَ الْحُرِّيَّةِ إلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَقْوَ مُرَجِّحُهَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي اسْتِحَالَةِ حَقِيقَتِهَا دُونَ مَجَازِهَا كَالنِّيَّةِ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِذَلِكَ اللَّفْظِ فَانْصِرَافُهَا إلَى الْمَمْلُوكِ مَعَ مُسَاوَاةِ الْآخَرِ لَهُ فِي ذَلِكَ فِيهِ شِبْهُ تَحَكُّمٍ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ وَالْأَجْنَبِيَّةَ لَيْسَتَا بِمُسْتَوِيَتَيْنِ فِي حَقِيقَتِهِ وَلَا فِي مَجَازِهِ فَانْصَرَفَ إلَى مَنْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهَا وَحْدَهَا أَيْ الزَّوْجَةِ دُونَ الْأَجْنَبِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُهُ فِيهَا مُرَادًا بِهِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ أَصْلًا فَإِنْ قُلْتَ إنْ أَرَدْتَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا يُفِيدُ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَكَلِّمِ فَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ أَلَا تَرَى أَنَّ غَيْرَ سَيِّدِ الْقِنِّ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ إلَّا مَجَازًا وَالسَّيِّدُ يَصِحُّ وَصْفُهُ لَهُ بِهِ حَقِيقَةً فَكَذَا الزَّوْجُ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِالطَّلَاقِ حَقِيقَةً إلَّا لِزَوْجَتِهِ وَلِلْأَجْنَبِيَّةِ بِهِ إلَّا مَجَازًا فَاسْتَوَيَا قُلْتُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّا عَهِدْنَا وُقُوعَ الْحُرِّيَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ كَسِرَايَةِ عِتْقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَكَعِتْقِ الْوَلِيِّ عَنْ مُوَلِّيهِ وَالْوَارِثِ عَنْ مُورَثِهِ وَلَمْ يُعْهَدْ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ إلَّا مِنْ الْحَاكِمِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِيلَاءِ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ مَا فَرَّقْتُ بِهِ مِنْ اسْتِوَاءِ الْقِنَّيْنِ فِي الِاتِّصَافِ بِحَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ وَمَجَازهَا مِنْ السَّيِّدِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ اسْتِوَاءُ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ فِي الِاتِّصَافِ بِحَقِيقَةِ الطَّلَاقِ وَمَجَازِهِ مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَيَأْتِي هُنَا فِي إنْ أَدَّيْتَ لِي أَوْ أَعْطَيْتَنِي أَوْ أَقْبَضْتَنِي أَوْ ضَمِنْتَ لِي أَوْ قَبَضْتُ مِنْكَ كَذَا مَا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ فِي الْخُلْعِ وَفِي إنْ دَخَلَتْ وَكَلَّمَتْ مَا قَالُوهُ فِي اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ فِي الطَّلَاقِ وَفِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ مَا قَالُوهُ ثَمَّ أَيْضًا.
وَلَوْ أَعْتَقَهُ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ كَأَعْتَقْتُكَ عَلَى أَنَّ لِي أَوْ لِفُلَانٍ الْخِيَارَ أَوْ عَلَى أَنْ أَبِيعَكَ أَوْ أَعُودَ فِيكَ إذَا شِئْتُ فَهَلْ يَصِحُّ الْعِتْقُ
وَيَلْغُوَ الشَّرْطُ كَالنِّكَاحِ فِي أَكْثَرِ صُوَرِهِ أَوْ لَا يَصِحُّ مِنْ أَصْلِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الثَّانِي وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ الْوَقْفِ، فَلَوْ وَقَفَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَقَالَ وَقَفْتُ بِشَرْطِ أَنْ أَبِيعَهُ أَوْ أَرْجِعَ فِيهِ مَتَى شِئْتُ فَبَاطِلٌ وَاحْتَجُّوا لَهُ بِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالْعِتْقِ أَوْ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةَ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهَذَا الشَّرْطُ مُفْسِدٌ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَفْسُدُ بِهَذَا الشَّرْطِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعِتْقَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَلَبَةِ وَالسِّرَايَةِ. اهـ. وَاعْتَمَدَ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَلَامَ الْقَفَّالِ وَقَالَ إنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بُطْلَانِ الْعِتْقِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ فِي عِتْقٍ يَحْتَاجُ لِقَبُولِ كَوَهَبْتُكَ نَفْسَكَ أَوْ أَعْتَقْتُكَ عَلَى كَذَا اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ وَفَسَدَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ كَمَا فِي الْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ الْمُقْتَرِنَيْنِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ لَا يُبْطِلْهُمَا، إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ وَتَأَمَّلْتَهُ اتَّضَحَ لَك قَوْلِي السَّابِقُ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَبَيَانُهُ أَنَّ الصُّورَةَ الثَّانِيَة أَعْنِي إلَّا لَازَمْتَ عَلَى الصَّلَاةِ فَأَنْتَ حُرٌّ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهَا أَصْلًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِنَّمَا هِيَ مَحْضُ تَعْلِيقٍ فَحَيْثُ أَتَى بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا، لَكِنْ مَا حَدُّ تِلْكَ الْمُلَازَمَةِ وَمَا ضَابِطُهَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ فَحَيْثُ لَازَمَهَا مُدَّةً حَتَّى صَارَ يُسَمَّى عِنْدَ النَّاسِ أَنَّهُ مُلَازِمٌ لَهَا عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا - فَإِنْ قُلْتَ هَلْ يَنْصَرِفُ ذَلِكَ التَّعْلِيقُ إلَى الْفَرَائِضِ وَرَوَاتِبِهَا أَوْ إلَى الْفَرَائِضِ فَقَطْ قُلْتُ الظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّ الذِّهْنَ إنَّمَا يَتَبَادَرُ إلَيْهِ لِغَلَبَةِ تَرْكِ الْأَرِقَّاءِ لِصَلَوَاتِ الْفَرْضِ
فَالظَّاهِرُ أَنَّ
الصفحة 388
397