كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 4)

الإحرام له من الميقات، فلا يصح ما ذكره.
مسألة: قال: ولو أفسد العبد حجه قبل عرفة، ثم أعتق، والمراهق بوطءٍ عرفة، ثم احتلم (179 / ب).
الفصل
إذا أحرم العبد بغير إذن سيده انعقد إحرامه. وقال أهل الظاهر: لا ينعقد إحرامه. وهذا غلط لما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أيما عبد حج ثم أعتق فعليه حج الإسلام"، فأضاف الحج إليه، وأثبته له، ولم يفرق بين أن يكون بإذن السيد أو بغير إذنه، ولأنه عبادة على البدن، فصح منه بغير إذن سيده كالصوم واحتج بأنه لا يجوز نكاحه وعقوده إلا بإذن (180 / أ) السيد كذلك هذا. قلنا: الفرق أن الإحرام قد ينعقد موقوفاً، ويقف على البيان في الثاني، فجاز أن ينعقد إحرامه، ويقف على فسخ السيد، وإجازته بخلاف النكاح، فإذا تقرر هذا، قال الشافعي: أحببت له أن يدعه ليمضي في نسكه ويتمه، لأنه طاعة وقربة، فإن لم يفعل ولم تطب نفسه بذلك، فله منعه ويفسخ عليه الإحرام، لأن منفعته مستحقة له في جميع الأوقات إلا في الأوقات التي يستحق العبادة فيها شرعاً، والحج لا يلزمه شرعاً، فلا يجبر السيد على تعطيل منفعته فيه، ثم إذا حلله، فهو كالمحصر، فإن ملكه السيد الهدي.
وقلنا: العبد يملك بالتمليك في أحد القولين لم يكن له أن يتحلل حتى يذبح كالحر. وإن قلنا: لا يملك على القول الصحيح، أو لم يملكه اليد فالحز المحصر إذا لم يجد الهدي، فيه قولان:
أحدهما: أنه لا بدل لهدي الإحصار، فيكون الهدي في ذمته، وعلى هذا هل يتحلل أم يبقى على إحرامه حتى يجد الهدي، ويذبح قولان.
والثاني: له بدل، وهو الصوم، وهل يبقى محرماً حتى يفرغ من الصوم أم يتحلل، ثم يصوم؟ قولان. قال أبو إسحاق والعبد في ذلك مخالف للحز، فالعبد يتحلل في الحال. وان قلنا: الحر لا يتحلل حتى يجد الهدي ويذبح، أو حتى يصوم لأن في تقييده العبد على الإحرام إلى ذلك الوقت ضرراً بالسيد، فلا يجوز ذلك، وكذلك في الصبر إلى أن يعتق ضرر بالعبد والحر يمكنه أن يحتال، فيكتسب ويستوهب ويتكدى ويحصل الهدي فيذبح، فلا يلحقه (180 / ب) كثرة مشقة، فافترقا.
ومن أصحابنا من قال: العبد والحز في هذا سواء. وقال بعض أصحابنا بخراسان: الصوم في حق الحز مرتب على الهدي، فإن قلنا: يحل ثم يهدي، فأولى ذلك في الصوم. وان قلنا: يصير إلى أن يهدي، فهل يلزمه الصبر في الصوم؟ حتى يفرغ منه، قولان. والفرق أن الصوم تطول مدته بخلاف الهدي، ثم العبد مرتب على هذا، فإن قلنا: في الحر لا يلزم الصبر، ففي العبد أولى، وإلا فوجهان.

الصفحة 5