كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 4)
التسليم، وبلاؤها في التدبير (¬1).
والتفويض والتسليم من فوائدها الراحة من تعب التدبير، والأمن من التدمير، والظفر بالفرج أقرب متى يكون.
كما قيل: [من البسيط]
دعَ الْمَقادِيْرَ تَجْرِيْ فِيْ أَعِنَّتِها ... وَلا تَبِيْتَنَّ إِلاَّ خالِيَ الْبالِ
مَا بَيْنَ طَرْفَةِ عَيْنٍ وَانْتِباهَتِها ... يُغَيِّرُ الدَّهرُ مِنْ حالِ إِلَىْ حالِ
وفي "الصحيحين" عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا أتيْتَ مَضْجَعَكَ فتوَضَّأْ وَضُوْءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجعْ عَلَى شِقكَ الأَيْمَنِ، وَقُلْ: اللهُمَّ أَسْلَمْتُ نفسِيَ إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَألجَأتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةَ وَرَهْبَةَ إِلَيْكَ، لا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بَكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ".
قَالَ: "فَإِنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُول" (¬2).
واعلم أن الصديقين -وإن بلغوا أعلى رتب التسليم، والتفويض- فإن الخوف [لا فارق] (¬3) قلوبهم؛ لما علمت أن ملازمته من شرط الصديقية.
¬__________
(¬1) رواه السلمي في "حقائق التفسير" (1/ 66).
(¬2) رواه البخاري (5952)، ومسلم (2710).
(¬3) طمس في "م"، والمثبت من في "ت".
الصفحة 104