كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 4)

ولقد [قال أبو سليمان الداراني رحمه الله تعالى] (¬1): ما فارق الخوف قلباً إلا خَرِب (¬2).
فالخوف حالهم إلى الممات، ومن ثم [يقع لهم أنهم يتمنَّون] (¬3) أن لو كانوا عدمًا.
وروى أبو نعيم عن يحيى بن معاذ - رضي الله عنه - قال: البارُّ يبكيه دينه (¬4)، والزاهد تبكيه عزته (¬5)، والصديق يبكيه خوف زوال الإيمان (¬6).
ومن تمني الصديقين للموت تخوفًا من الفتنة في الدين: قول مريم عليها السلام: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} [مريم: 23] , وقد شهد الله تعالى لها بالصديقية في قوله: {وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} [المائدة: 75].
وقال أبو بكر - رضي الله عنه -: لوددت أني تمرة (¬7) ينقرها الطير (¬8).
وأخذ عمر - رضي الله عنه - تبنة من الأرض، فقال: يا ليتني هذه التبنة، ليتني
¬__________
(¬1) طمس في "م"، والمثبت من "ت".
(¬2) رواه القشيري في "رسالته" (ص: 163).
(¬3) طمس في "م"، والمثبت من "ت".
(¬4) في "حلية الأولياء": "التائب يبكيه ذنبه" بدل "البار يبكيه دينه".
(¬5) في "حلية الأولياء": "غربته" بدل "عزته".
(¬6) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (10/ 54).
(¬7) في مصادر التخريج: "ثمرة" بدل "تمرة".
(¬8) رواه ابن المبارك في "الزهد" (1/ 81)، وابن أبي الدنيا في "المتمنين" (ص: 59).

الصفحة 105