كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 4)

وروى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد في "الزهد" عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: لا تفقه كل الفقه حتى تمقُت الناس في جنب الله، ثم ترجع إلى نفسك فتكون أشد لها مقتًا (¬1).

* فائِدَةٌ:
روى حسن المروزي في "زوائد الزهد" لابن المبارك عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: حدثني يا كعب، قال: نعم يا أمير المؤمنين، قصور في الجنة لا يسكنها إلا نبي، أو صديق، أو شهيد، أو حكم عدل، فقال عمر: أما النبوة فقد مضت لأهلها، وأما الصديقون فقد صدقت الله ورسوله، وأما حكم عدل فإني أرجو ألا أحكم بشيء إلا لم آل فيه عدلاً، وأما الشهادة فأنى لعمر بالشهادة (¬2).
قلت: في هذا الكلام إشارة إلى أن تصديق الله ورسوله من أعظم أركان الصديقية، بل معظمها، ألا ترى أن عمر - رضي الله عنه - رجا هذه الرتبة بما علمه من نفسه من تصديق الله ورسوله، ثُمَّ إن عمر - رضي الله عنه - كان سأل الله تعالى الموت في المدينة، والشهادة في سبيل الله كما في "صحيح البخاري" (¬3)، ومَين الله عليه بالشهادة، بل جمع له بين الصديقية والشهادة والحكم بالعدل.
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (34584)، والإمام أحمد في "الزهد" (ص: 134).
(¬2) رواه ابن المبارك في "الزهد" (1/ 535).
(¬3) روى البخاري (1791) عن عمر - رضي الله عنه - قوله: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك - صلى الله عليه وسلم -.

الصفحة 110