كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 4)

ويتعين على العالم أن [يتقي الله] في عليه، ولا يرائي به ولا يعجب، ولا يريد من الناس من أن يقبلوا عليه ما لا يقبلون على غيره [ ... ] في عليه، ولا يتشقشق بعلمه ويتنفق في كلامه ليَسْبي به قلوب الناس.
فقد روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَعَلَّمَ صَرْفَ الْكَلامِ لِيَسْبِيَ بِهِ قُلُوبَ الرِّجالِ أَوِ النَّاسِ، لَمْ يَقْبَلِ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيامَةِ صَرْفاً وَلا عَدْلاً" (¬1).
وروى عبد الرزاق عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: كيف بكم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير، ويَهْرَم فيها الكبير، فتتخذ سنة؛ فإن غَيَّرْت يومًا قيل: هذا منكر.
قيل: ومتى ذلك؟
قال: إذا قَلَّتْ أمناؤكم وكثرت أمراؤكم، وقلَّت فقهاؤكم وكثرت قراؤكم، وتُفُقِّهَ لغير الدين، وتُعُلِّمَ العلمُ لغير العمل، والْتُمِسَتِ الدنيا بعمل الآخرة (¬2).
وروى البزار بسند جيد، والطبراني في "الأوسط" عن عمر بن
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (5006). قال المنذري في "الترغيب والترهيب" (1/ 67): يشبه أن يكون فيه انقطاع، فإن الضحاك بن شرحبيل ذكره البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكروا له رواية عن الصحابة، والله أعلم.
(¬2) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (20742)، وكذا ابن أبي شيبة في "المصنف" (37156).

الصفحة 36