كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 4)

وقوله: "حتى يريه"؛ أي: يفسده، يقال: ورى القيح جوفه: أفسده؛ كذا في "القاموس" بفتح أوله (¬1).
وهذا يحتمل أن يكون من قبيل ما تقدم.
والمعنى: أنَّ فساد الجوف بالمرض المحسوس في الدنيا أهون من أن يمتلئ شعراً فيُعاقب عليه في الآخرة.
ويحتمل أن يكون المعنى: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً ودماً - أي: يتناوله - خيرٌ - أي: أهون وأخف إثماً - من أن يمتلئ شِعْراً.
والمراد به الشعر المذموم بدليل قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الشعراء: 227]؛ فإنه مستثنى من قوله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْراً، وَإِنَّ مِنَ الشعْرِ حُكْماً". رواه الإمام أحمد، وأبو داود من حديث ابن عباس (¬2).
وهو عند ابن أبي شيبة من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - نحوه (¬3).
والجملة الأخيرة عنده من حديث بريدة - رضي الله عنه - (¬4).
¬__________
(¬1) انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1729).
(¬2) رواه الإمام أحمد في "المسند" (1/ 303)، وأبو داود (5011).
(¬3) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (26011).
(¬4) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (26008).

الصفحة 416