كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 4)

وروى ابن عدي عن جابر - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرَّجُلِ قَيْحًا أوْ دَمًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا مِمَا هَجَيْتَ بِهِ" (¬1).
وروى الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأَنْ يَأْكُلَ أَحَدُكُم مِنْ جِيْفَةٍ حَتَّى يَشْبَعَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيْهِ الْمُسْلِم" (¬2).
وروى هو وابن أبي شيبة، والإمام أحمد في "الزهد"، والبخاري في "الأدب" عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: أنه مرَّ على بغل ميت وهو في نفر من أصحابه، فقال: والله لأن يأكل أحدكم من هذا حتى يملأ بطنه خير له من أن يأكل من لم رجل مسلم (¬3).
وتمثيل الغيبة بأكل لحم الميت وقع في قوله تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [الحجرات: 12].
ولقد عجبت من كثير من العلماء يقولون: إنَّ أكل لحم الميتة لغير المضطر كبيرة، ثم يتوقف في أن الغيبة كبيرة أو يقول: هي صغيرة، وقد ساوى الله تعالى في كتابه بينهما، ولا يفهم من الآية كون أكل الميتة أخف
¬__________
(¬1) رواه ابن عدي في "الكامل" (7/ 29). وقال - بعد أن ذكر عدة أحاديث عن النضر -: وهذه الأحاديث بأسانيدها غير محفوظة.
(¬2) رواه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (1/ 197).
(¬3) رواه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (1/ 207)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (25537)، والبخاري في "الأدب المفرد" (736).

الصفحة 417